القران الكريم

سُوۡرَةُ الإسرَاء

الإسرَاء/ بنیٓ اسرآئیل

بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ

سُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِىٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلاً۬ مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِى بَـٰرَكۡنَا حَوۡلَهُ ۥ لِنُرِيَهُ ۥ مِنۡ ءَايَـٰتِنَآ‌ۚ إِنَّهُ ۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ (١) وَءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَـٰبَ وَجَعَلۡنَـٰهُ هُدً۬ى لِّبَنِىٓ إِسۡرَٲٓءِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُواْ مِن دُونِى وَڪِيلاً۬ (٢) ذُرِّيَّةَ مَنۡ حَمَلۡنَا مَعَ نُوحٍ‌ۚ إِنَّهُ ۥ كَانَ عَبۡدً۬ا شَكُورً۬ا (٣) وَقَضَيۡنَآ إِلَىٰ بَنِىٓ إِسۡرَٲٓءِيلَ فِى ٱلۡكِتَـٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِى ٱلۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ وَلَتَعۡلُنَّ عُلُوًّ۬ا ڪَبِيرً۬ا (٤) فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ أُولَٮٰهُمَا بَعَثۡنَا عَلَيۡڪُمۡ عِبَادً۬ا لَّنَآ أُوْلِى بَأۡسٍ۬ شَدِيدٍ۬ فَجَاسُواْ خِلَـٰلَ ٱلدِّيَارِ‌ۚ وَكَانَ وَعۡدً۬ا مَّفۡعُولاً۬ (٥) ثُمَّ رَدَدۡنَا لَكُمُ ٱلۡڪَرَّةَ عَلَيۡہِمۡ وَأَمۡدَدۡنَـٰكُم بِأَمۡوَٲلٍ۬ وَبَنِينَ وَجَعَلۡنَـٰكُمۡ أَڪۡثَرَ نَفِيرًا (٦) إِنۡ أَحۡسَنتُمۡ أَحۡسَنتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡ‌ۖ وَإِنۡ أَسَأۡتُمۡ فَلَهَا‌ۚ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ ٱلۡأَخِرَةِ لِيَسُـۥۤـُٔواْ وُجُوهَڪُمۡ وَلِيَدۡخُلُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ ڪَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ۬ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوۡاْ تَتۡبِيرًا (٧) عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يَرۡحَمَكُمۡ‌ۚ وَإِنۡ عُدتُّمۡ عُدۡنَا‌ۘ وَجَعَلۡنَا جَهَنَّمَ لِلۡكَـٰفِرِينَ حَصِيرًا (٨)


(1) {الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} أى الكعبة والمنطقة المحيطه بها فى مكة, {الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} المقصود به هو بيت المقدس الموجود فى القدس و هو قبلة  اليهود حالياً وكان قبلة المسلمين فى مراحل الدعوة الأولى فى مكة، ويقال إنه بنى فى عهد النبى سليمان و قد كان موجوداً فى القدس قبل دخول المسلمين الأوائل إليها كما هو واضح من السورة والتى نزلت قبل دخول المسلمين الى القدس بأكثر من عقدين من الزمان.

و كلمة مسجد تطلق على أى مكان يسجد فيه لله وليس بالضرورة مكان عبادة خاصاً بالديانة الإسلامية فعلى سبيل المثال فى قصة أهل الكهف ذكر الله تعالى أن البعض فكر فى إتخاذ مسجد حول الفتية { لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا } و ذلك كان بالقطع قبل مجئ الرسول و القرآن بقرون.

  • {وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ}

المقصود بالكتاب هنا هو التوراة :

  • وكما قال تعالى فقد جعلها هدى لبنى إسرائيل، وقال أيضاً {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ}،
  • وقد جعل الله تعالى هداية المسيحيين فى الإنجيل {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }.
  • وجعل هداية اتباع الديانة الإسلامية فى القرآن {ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}.
  • فالله جعل لكل أمة كتاباً ورسولاً لهدايتهم {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}.
  • وكتب الله قد تختلف ظاهرياً ولكنها تتفق فى مضمون رئيسى وهو عبادة الله وعمل الخيرات والإيمان بيوم الحساب

 (4-8)  تعرض بنو إسرائيل والمسجد الأقصى لعدوانين مشهورين فى التاريخ، والمرة الأولى كانت على يد البابليين أما المرة الثانية فقد كانت على يد نبوخذ نصر بعد مجئ المسيح عليه السلام، وفى المرتين تم تدمير المسجد الأقصى كما ذكر القرآن فى هذه الآيات، وقد فتح الله باب التوبة لبنى إسرائيل فقال لهم {وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا} أى إن عدتم الى الله و إتبعتم وصاياه مثل الوصايا العشر الموجوده بالتوراة فإن باب الله مفتوح لهم كما هو مفتوح لكل عباده الذين يتوبون إليه {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ}.


إِنَّ هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَہۡدِى لِلَّتِى هِىَ أَقۡوَمُ وَيُبَشِّرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ أَنَّ لَهُمۡ أَجۡرً۬ا كَبِيرً۬ا (٩) وَأَنَّ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأَخِرَةِ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمً۬ا (١٠) وَيَدۡعُ ٱلۡإِنسَـٰنُ بِٱلشَّرِّ دُعَآءَهُ ۥ بِٱلۡخَيۡرِ‌ۖ وَكَانَ ٱلۡإِنسَـٰنُ عَجُولاً۬ (١١) وَجَعَلۡنَا ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّہَارَ ءَايَتَيۡنِ‌ۖ فَمَحَوۡنَآ ءَايَةَ ٱلَّيۡلِ وَجَعَلۡنَآ ءَايَةَ ٱلنَّہَارِ مُبۡصِرَةً۬ لِّتَبۡتَغُواْ فَضۡلاً۬ مِّن رَّبِّكُمۡ وَلِتَعۡلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلۡحِسَابَ‌ۚ وَڪُلَّ شَىۡءٍ۬ فَصَّلۡنَـٰهُ تَفۡصِيلاً۬ (١٢) وَكُلَّ إِنسَـٰنٍ أَلۡزَمۡنَـٰهُ طَـٰٓٮِٕرَهُ ۥ فِى عُنُقِهِۦ‌ۖ وَنُخۡرِجُ لَهُ ۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَـٰمَةِ ڪِتَـٰبً۬ا يَلۡقَٮٰهُ مَنشُورًا (١٣) ٱقۡرَأۡ كِتَـٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفۡسِكَ ٱلۡيَوۡمَ عَلَيۡكَ حَسِيبً۬ا (١٤) مَّنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَہۡتَدِى لِنَفۡسِهِۦ‌ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيۡہَا‌ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ۬ وِزۡرَ أُخۡرَىٰ‌ۗ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبۡعَثَ رَسُولاً۬ (١٥) وَإِذَآ أَرَدۡنَآ أَن نُّہۡلِكَ قَرۡيَةً أَمَرۡنَا مُتۡرَفِيہَا فَفَسَقُواْ فِيہَا فَحَقَّ عَلَيۡہَا ٱلۡقَوۡلُ فَدَمَّرۡنَـٰهَا تَدۡمِيرً۬ا (١٦) وَكَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِنَ ٱلۡقُرُونِ مِنۢ بَعۡدِ نُوحٍ۬‌ۗ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِۦ خَبِيرَۢا بَصِيرً۬ا (١٧)


(9) {إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} يدعونا الله دائما الى جعل القرآن هو الكتاب الذى علينا إتباعه فى أمور الدين و التمسك به، و هذه بعض الآيات التى تتحدث عن و تصف القرآن :

  • و{وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ}
  • {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ}
  • {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ}
  • {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا}
  • {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}
  • {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ}
  • {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا}.

 (10) {لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} الإيمان بالآخرة ليس بالقول بل بالفعل فمن يؤمن حقاً بالآخرة تكون أفعاله دالة على ذلك فلا يظلم أحداً ولا يقهر يتيماً  أو أرملة و لا يدع محتاجاً الى مساعدة إلا ساعده ولا مسكيناً إلا مد إليه يد العون ولا مريضاً إلا حاول أن يخفف آلامه، و قد أوجز القرآن هذا المعنى الرائع وهو أن الإيمان بالآخرة ليس كلمات تقال باللسان وإنما هو أفعال تدل عليه حين قال {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ}.

 (14) {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} نرى هنا كيف يتجلى العدل الإلهى فى أن الله تعالى يترك كتاب أعمال كل إنسان والذى دُونت فيه أعماله ليشهد عليه ثم يسأله أن يحاسب نفسه على أفعاله، و قد تخطى الوصف القرآنى لهذه اللحظات يوم القيامة كل تصور فها هو الخالق الذى إن شاء أمر بالإنسان أن يذهب لغياهب الجحيم – و لا يستطيع أحد أن يعترض على قراره – يأتى بالحجة أمام المخلوق ويطلب منه أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسبه هو فيا له من عدل مطلق.

(15) {فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} تعلمنا الآية أن لا نشغل بالنا بأن شخصاً ما مهتدٍ أو ضال فهذه ليست قضيتنا إنما قضيته هو وحسابه على ربه.

 {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ} تشير الآية الكريمة الى مبدأ هام وهو أنه لا يجوز  محاسبة أى إنسان بأخطاء إنسان آخر أو محاسبة أمة بأخطاء تاريخية حدثت من أسلافهم، فعلى الإنسان المؤمن أن يأخذ حذراً شديداً فيما يقول فلا يكره أناساً أوأمماً لأسباب أو لجرائم لم يرتكبوها أو لمشاكل تاريخية حدثت بين آبائهم فكل فرد مسئول عما فعل هو وليس عما فعله الآخرون،

فهل يرضى واحد منا أن يكرهه إنسان أو ينتقم منه أو يعيش فى عداوة معه لأن واحداً من جدوده إعتدى على جد ذلك الإنسان و هل هذا عدل ؟؟؟؟

(16) {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} أى أمرناهم بعمل الخيرات مثل العدل والإحسان فعصوا الأمر وفعلوا عكس ذلك فإستوجبوا غضب الله.

 {فَفَسَقُوا} أى خالفوا أمر ربهم كما أوضحت الآية {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} – أى خالفه و عصاه – و الله تعالى أمرعباده بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى كما قالت الآية {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ }.

(17) {وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} تعنى أن الله هو الذى يعلم ذنوب عباده وبالتالى لا حق لأحد أن يحاسب الآخرين:

  • فمن نظنه صالحاً قد يعلم الله عن ذنوبه ما يجعله يدخل جهنم
  • ومن نراه طالحاً فقد يعلم الله عن حسناته ما يجعله يأمر به الى جناته،
  • ومن نراه مثقلاً بالآثام فقد يغفرها الله له تعالى بمشيئته {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }
  • فعلينا أن نتعلم ألا نطلق العنان لأنفسنا لإصدار الأحكام على غيرنا و تنصيب أنفسنا آلهة تحاسب البشر بدلاً من الله عزوجل و هو صاحب الحق الأوحد فى حسابهم وهو أعلم بذنوبهم و حسناتهم.

مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡعَاجِلَةَ عَجَّلۡنَا لَهُ ۥ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلۡنَا لَهُ ۥ جَهَنَّمَ يَصۡلَٮٰهَا مَذۡمُومً۬ا مَّدۡحُورً۬ا (١٨) وَمَنۡ أَرَادَ ٱلۡأَخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعۡيَهَا وَهُوَ مُؤۡمِنٌ۬ فَأُوْلَـٰٓٮِٕكَ ڪَانَ سَعۡيُهُم مَّشۡكُورً۬ا (١٩) كُلاًّ۬ نُّمِدُّ هَـٰٓؤُلَآءِ وَهَـٰٓؤُلَآءِ مِنۡ عَطَآءِ رَبِّكَ‌ۚ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحۡظُورًا (٢٠) ٱنظُرۡ كَيۡفَ فَضَّلۡنَا بَعۡضَہُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٍ۬‌ۚ وَلَلۡأَخِرَةُ أَكۡبَرُ دَرَجَـٰتٍ۬ وَأَكۡبَرُ تَفۡضِيلاً۬ (٢١) لَّا تَجۡعَلۡ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ءَاخَرَ فَتَقۡعُدَ مَذۡمُومً۬ا مَّخۡذُولاً۬ (٢٢) ۞ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلۡوَٲلِدَيۡنِ إِحۡسَـٰنًا‌ۚ إِمَّا يَبۡلُغَنَّ عِندَكَ ٱلۡڪِبَرَ أَحَدُهُمَآ أَوۡ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ۬ وَلَا تَنۡہَرۡهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوۡلاً۬ ڪَرِيمً۬ا (٢٣) وَٱخۡفِضۡ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحۡمَةِ وَقُل رَّبِّ ٱرۡحَمۡهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرً۬ا (٢٤) رَّبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِمَا فِى نُفُوسِكُمۡ‌ۚ إِن تَكُونُواْ صَـٰلِحِينَ فَإِنَّهُ ۥ ڪَانَ لِلۡأَوَّٲبِينَ غَفُورً۬ا (٢٥) وَءَاتِ ذَا ٱلۡقُرۡبَىٰ حَقَّهُ ۥ وَٱلۡمِسۡكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرۡ تَبۡذِيرًا (٢٦) إِنَّ ٱلۡمُبَذِّرِينَ كَانُوٓاْ إِخۡوَٲنَ ٱلشَّيَـٰطِينِ‌ۖ وَكَانَ ٱلشَّيۡطَـٰنُ لِرَبِّهِۦ كَفُورً۬ا (٢٧) وَإِمَّا تُعۡرِضَنَّ عَنۡہُمُ ٱبۡتِغَآءَ رَحۡمَةٍ۬ مِّن رَّبِّكَ تَرۡجُوهَا فَقُل لَّهُمۡ قَوۡلاً۬ مَّيۡسُورً۬ا (٢٨) وَلَا تَجۡعَلۡ يَدَكَ مَغۡلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبۡسُطۡهَا كُلَّ ٱلۡبَسۡطِ فَتَقۡعُدَ مَلُومً۬ا مَّحۡسُورًا (٢٩) إِنَّ رَبَّكَ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُ‌ۚ إِنَّهُ ۥ كَانَ بِعِبَادِهِۦ خَبِيرَۢا بَصِيرً۬ا (٣٠) وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَـٰدَكُمۡ خَشۡيَةَ إِمۡلَـٰقٍ۬‌ۖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُهُمۡ وَإِيَّاكُمۡ‌ۚ إِنَّ قَتۡلَهُمۡ ڪَانَ خِطۡـًٔ۬ا كَبِيرً۬ا (٣١) وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓ‌ۖ إِنَّهُ ۥ كَانَ فَـٰحِشَةً۬ وَسَآءَ سَبِيلاً۬ (٣٢) وَلَا تَقۡتُلُواْ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ‌ۗ وَمَن قُتِلَ مَظۡلُومً۬ا فَقَدۡ جَعَلۡنَا لِوَلِيِّهِۦ سُلۡطَـٰنً۬ا فَلَا يُسۡرِف فِّى ٱلۡقَتۡلِ‌ۖ إِنَّهُ ۥ كَانَ مَنصُورً۬ا (٣٣) وَلَا تَقۡرَبُواْ مَالَ ٱلۡيَتِيمِ إِلَّا بِٱلَّتِى هِىَ أَحۡسَنُ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ أَشُدَّهُ ۥ‌ۚ وَأَوۡفُواْ بِٱلۡعَهۡدِ‌ۖ إِنَّ ٱلۡعَهۡدَ كَانَ مَسۡـُٔولاً۬ (٣٤) وَأَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ إِذَا كِلۡتُمۡ وَزِنُواْ بِٱلۡقِسۡطَاسِ ٱلۡمُسۡتَقِيمِ‌ۚ ذَٲلِكَ خَيۡرٌ۬ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلاً۬ (٣٥) وَلَا تَقۡفُ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌ‌ۚ إِنَّ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡبَصَرَ وَٱلۡفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَـٰٓٮِٕكَ كَانَ عَنۡهُ مَسۡـُٔولاً۬ (٣٦) وَلَا تَمۡشِ فِى ٱلۡأَرۡضِ مَرَحًا‌ۖ إِنَّكَ لَن تَخۡرِقَ ٱلۡأَرۡضَ وَلَن تَبۡلُغَ ٱلۡجِبَالَ طُولاً۬ (٣٧) كُلُّ ذَٲلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ ۥ عِندَ رَبِّكَ مَكۡرُوهً۬ا (٣٨) ذَٲلِكَ مِمَّآ أَوۡحَىٰٓ إِلَيۡكَ رَبُّكَ مِنَ ٱلۡحِكۡمَةِ‌ۗ وَلَا تَجۡعَلۡ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ءَاخَرَ فَتُلۡقَىٰ فِى جَهَنَّمَ مَلُومً۬ا مَّدۡحُورًا (٣٩)


(18) {مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ}  تعنى أنه إنكب على الدنيا بجشع و نسى مبادئ الله و أوامره بالعدل و الرحمة والإحسان فداس على هذه المبادئ من أجل الدنيا، ولا حرج أن يريد الإنسان النجاح فى الدنيا ويصل الى أعلى درجات النجاح المادى و ذلك لا ينبغى أن يكون على حساب إهمال لمبادئ العدل والإحسان والرحمة التى تنقذه فى الآخرة.

 (20){كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا} تشير هذه الآية الى أن عطاء الله هو لجميع خلقه سواء كانوا مؤمنين به أم لا وقد ذكر نفس المعنى فى الإنجيل على لسان المسيح عليه السلام حين قال “إن شمس الله تشرق على الأشرار و الأبرار”.

 (26) {وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} لاحظ هنا إستخدام القرآن لكلمة حقه فالعطاء للفقير والمحتاج ليس منة من الإنسان لأن المال هو مال الله و أستخلفنا فيه أى جعلنا أمناء عليه فإعطاء الفقير و المحتاج جزء من هذا المال ليس منة عليه إنما هو حقه على المجتمع { وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ }.

 (28) إذا لم يستطع الإنسان أن يعطى المحتاج مالاً فعليه على الأقل أن يقول كلمة حلوة لأخيه الإنسان الذى يسأله لكى ينال رضوان الله.

 (29) الحكمة فى إنفاق المال شئ هام فالبخل شئ بغيض {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ} و التبذير أيضاً خطأ {وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا}.

(31) {أَوْلَادَكُمْ} أى من وُلد كما يقال {وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ} {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ}.

(33) {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} حرم الله قتل النفس البشرية بصورة عامة وفى بعض الأحيان قد يقبل القتل حين يكون عقوبة و جزاءاً  للقتلة والسفاحين والإرهابيين وغيرهم من المجرمين، والقوانين التى تتعامل مع هذه الحالات قد تتغير من عصر الى عصر تبعاً للعرف ولكن فى جميع الحالات فإن إحترام النفس البشرية مهما كان جنسها أو دينها او فكرها هو شئ مقدس عند الله تعالى الذى نفخ فى الإنسان من روحه ووهب له الحياة من لدنه.

(36) (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} يدعونا القرآن دائماً الى عدم الإتباع بدون فكر فإستخدام العقل والتفكير فريضة إلهية نحن مسئولون عنها يوم  القيامة، فكما قال الله للبشر {أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ} وقال أيضاً {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}، السمع والبصر والفؤاد مسئولية وأمانة من الله علينا أن نستخدمها و سيسألنا الله عنها.

(39) {ذَٰلِكَ مِمَّا أَوْحَىٰ إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ}  وتعبير { الْحِكْمَةِ } يعود على القرآن فكما قال الله تعالى عن القرآن {الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ} ونلاحظ إستخدام هاء المفرد فى “به” لأن القرآن يتكلم هنا عن شئ واحد وليس عن  شيئين و إلا لكان قال “بهما”. فالحكمة التى أوحى الله بها الى الرسول لم يجعلها فى كتاب آخر مفصول و إنما جعلها جزءً لا يتجزء من كتاب الله و آياته.

{وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَتُلْقَىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا} قد يتخذ الإنسان هواه أو الشيطان إلهاً آخر حين يتبع رغبات الشر والظلم و الأنانية بداخله فكما قال تعالى {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ} و قال لنا { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }. و كما ذكرنا فإن عبادة الأهواء والشيطان تكون بإتباع طريق الشر والعدوان بدلاً من طريق الله الداعى الى المحبة و السلام {ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً}.


أَفَأَصۡفَٮٰكُمۡ رَبُّڪُم بِٱلۡبَنِينَ وَٱتَّخَذَ مِنَ ٱلۡمَلَـٰٓٮِٕكَةِ إِنَـٰثًا‌ۚ إِنَّكُمۡ لَتَقُولُونَ قَوۡلاً عَظِيمً۬ا (٤٠) وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا فِى هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمۡ إِلَّا نُفُورً۬ا (٤١) قُل لَّوۡ كَانَ مَعَهُ ۥۤ ءَالِهَةٌ۬ كَمَا يَقُولُونَ إِذً۬ا لَّٱبۡتَغَوۡاْ إِلَىٰ ذِى ٱلۡعَرۡشِ سَبِيلاً۬ (٤٢) سُبۡحَـٰنَهُ ۥ وَتَعَـٰلَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّ۬ا كَبِيرً۬ا (٤٣) تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَـٰوَٲتُ ٱلسَّبۡعُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيہِنَّ‌ۚ وَإِن مِّن شَىۡءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمۡدِهِۦ وَلَـٰكِن لَّا تَفۡقَهُونَ تَسۡبِيحَهُمۡ‌ۗ إِنَّهُ ۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورً۬ا (٤٤) وَإِذَا قَرَأۡتَ ٱلۡقُرۡءَانَ جَعَلۡنَا بَيۡنَكَ وَبَيۡنَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأَخِرَةِ حِجَابً۬ا مَّسۡتُورً۬ا (٤٥) وَجَعَلۡنَا عَلَىٰ قُلُوبِہِمۡ أَكِنَّةً أَن يَفۡقَهُوهُ وَفِىٓ ءَاذَانِہِمۡ وَقۡرً۬ا‌ۚ وَإِذَا ذَكَرۡتَ رَبَّكَ فِى ٱلۡقُرۡءَانِ وَحۡدَهُ ۥ وَلَّوۡاْ عَلَىٰٓ أَدۡبَـٰرِهِمۡ نُفُورً۬ا (٤٦) نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَسۡتَمِعُونَ بِهِۦۤ إِذۡ يَسۡتَمِعُونَ إِلَيۡكَ وَإِذۡ هُمۡ نَجۡوَىٰٓ إِذۡ يَقُولُ ٱلظَّـٰلِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً۬ مَّسۡحُورًا (٤٧) ٱنظُرۡ كَيۡفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلۡأَمۡثَالَ فَضَلُّواْ فَلَا يَسۡتَطِيعُونَ سَبِيلاً۬ (٤٨) وَقَالُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَـٰمً۬ا وَرُفَـٰتًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ خَلۡقً۬ا جَدِيدً۬ا (٤٩) ۞ قُلۡ كُونُواْ حِجَارَةً أَوۡ حَدِيدًا (٥٠) أَوۡ خَلۡقً۬ا مِّمَّا يَڪۡبُرُ فِى صُدُورِكُمۡ‌ۚ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا‌ۖ قُلِ ٱلَّذِى فَطَرَكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٍ۬‌ۚ فَسَيُنۡغِضُونَ إِلَيۡكَ رُءُوسَہُمۡ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ‌ۖ قُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ قَرِيبً۬ا (٥١) يَوۡمَ يَدۡعُوكُمۡ فَتَسۡتَجِيبُونَ بِحَمۡدِهِۦ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا قَلِيلاً۬ (٥٢) وَقُل لِّعِبَادِى يَقُولُواْ ٱلَّتِى هِىَ أَحۡسَنُ‌ۚ إِنَّ ٱلشَّيۡطَـٰنَ يَنزَغُ بَيۡنَہُمۡ‌ۚ إِنَّ ٱلشَّيۡطَـٰنَ كَانَ لِلۡإِنسَـٰنِ عَدُوًّ۬ا مُّبِينً۬ا (٥٣) رَّبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِكُمۡ‌ۖ إِن يَشَأۡ يَرۡحَمۡكُمۡ أَوۡ إِن يَشَأۡ يُعَذِّبۡكُمۡ‌ۚ وَمَآ أَرۡسَلۡنَـٰكَ عَلَيۡہِمۡ وَڪِيلاً۬ (٥٤) وَرَبُّكَ أَعۡلَمُ بِمَن فِى ٱلسَّمَـٰوَٲتِ وَٱلۡأَرۡضِ‌ۗ وَلَقَدۡ فَضَّلۡنَا بَعۡضَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ عَلَىٰ بَعۡضٍ۬‌ۖ وَءَاتَيۡنَا دَاوُ ۥدَ زَبُورً۬ا (٥٥) قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِهِۦ فَلَا يَمۡلِكُونَ كَشۡفَ ٱلضُّرِّ عَنكُمۡ وَلَا تَحۡوِيلاً (٥٦) أُوْلَـٰٓٮِٕكَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّہُمۡ أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُ ۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ۥۤ‌ۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحۡذُورً۬ا (٥٧) وَإِن مِّن قَرۡيَةٍ إِلَّا نَحۡنُ مُهۡلِڪُوهَا قَبۡلَ يَوۡمِ ٱلۡقِيَـٰمَةِ أَوۡ مُعَذِّبُوهَا عَذَابً۬ا شَدِيدً۬ا‌ۚ كَانَ ذَٲلِكَ فِى ٱلۡكِتَـٰبِ مَسۡطُورً۬ا (٥٨) وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرۡسِلَ بِٱلۡأَيَـٰتِ إِلَّآ أَن ڪَذَّبَ بِہَا ٱلۡأَوَّلُونَ‌ۚ وَءَاتَيۡنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبۡصِرَةً۬ فَظَلَمُواْ بِہَا‌ۚ وَمَا نُرۡسِلُ بِٱلۡأَيَـٰتِ إِلَّا تَخۡوِيفً۬ا (٥٩) وَإِذۡ قُلۡنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِٱلنَّاسِ‌ۚ وَمَا جَعَلۡنَا ٱلرُّءۡيَا ٱلَّتِىٓ أَرَيۡنَـٰكَ إِلَّا فِتۡنَةً۬ لِّلنَّاسِ وَٱلشَّجَرَةَ ٱلۡمَلۡعُونَةَ فِى ٱلۡقُرۡءَانِ‌ۚ وَنُخَوِّفُهُمۡ فَمَا يَزِيدُهُمۡ إِلَّا طُغۡيَـٰنً۬ا كَبِيرً۬ا (٦٠) وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰٓٮِٕڪَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأَدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ قَالَ ءَأَسۡجُدُ لِمَنۡ خَلَقۡتَ طِينً۬ا (٦١) قَالَ أَرَءَيۡتَكَ هَـٰذَا ٱلَّذِى ڪَرَّمۡتَ عَلَىَّ لَٮِٕنۡ أَخَّرۡتَنِ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَـٰمَةِ لَأَحۡتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ ۥۤ إِلَّا قَلِيلاً۬ (٦٢) قَالَ ٱذۡهَبۡ فَمَن تَبِعَكَ مِنۡهُمۡ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمۡ جَزَآءً۬ مَّوۡفُورً۬ا (٦٣) وَٱسۡتَفۡزِزۡ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتَ مِنۡہُم بِصَوۡتِكَ وَأَجۡلِبۡ عَلَيۡہِم بِخَيۡلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكۡهُمۡ فِى ٱلۡأَمۡوَٲلِ وَٱلۡأَوۡلَـٰدِ وَعِدۡهُمۡ‌ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيۡطَـٰنُ إِلَّا غُرُورًا (٦٤) إِنَّ عِبَادِى لَيۡسَ لَكَ عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَـٰنٌ۬‌ۚ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَڪِيلاً۬ (٦٥) رَّبُّكُمُ ٱلَّذِى يُزۡجِى لَڪُمُ ٱلۡفُلۡكَ فِى ٱلۡبَحۡرِ لِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦۤ‌ۚ إِنَّهُ ۥ كَانَ بِكُمۡ رَحِيمً۬ا (٦٦) وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فِى ٱلۡبَحۡرِ ضَلَّ مَن تَدۡعُونَ إِلَّآ إِيَّاهُ‌ۖ فَلَمَّا نَجَّٮٰكُمۡ إِلَى ٱلۡبَرِّ أَعۡرَضۡتُمۡ‌ۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَـٰنُ كَفُورًا (٦٧) أَفَأَمِنتُمۡ أَن يَخۡسِفَ بِكُمۡ جَانِبَ ٱلۡبَرِّ أَوۡ يُرۡسِلَ عَلَيۡڪُمۡ حَاصِبً۬ا ثُمَّ لَا تَجِدُواْ لَكُمۡ وَڪِيلاً (٦٨) أَمۡ أَمِنتُمۡ أَن يُعِيدَكُمۡ فِيهِ تَارَةً أُخۡرَىٰ فَيُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ قَاصِفً۬ا مِّنَ ٱلرِّيحِ فَيُغۡرِقَكُم بِمَا كَفَرۡتُمۡ‌ۙ ثُمَّ لَا تَجِدُواْ لَكُمۡ عَلَيۡنَا بِهِۦ تَبِيعً۬ا (٦٩) ۞ وَلَقَدۡ كَرَّمۡنَا بَنِىٓ ءَادَمَ وَحَمَلۡنَـٰهُمۡ فِى ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَرَزَقۡنَـٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَـٰتِ وَفَضَّلۡنَـٰهُمۡ عَلَىٰ ڪَثِيرٍ۬ مِّمَّنۡ خَلَقۡنَا تَفۡضِيلاً۬ (٧٠) يَوۡمَ نَدۡعُواْ ڪُلَّ أُنَاسِۭ بِإِمَـٰمِهِمۡ‌ۖ فَمَنۡ أُوتِىَ ڪِتَـٰبَهُ ۥ بِيَمِينِهِۦ فَأُوْلَـٰٓٮِٕكَ يَقۡرَءُونَ ڪِتَـٰبَهُمۡ وَلَا يُظۡلَمُونَ فَتِيلاً۬ (٧١) وَمَن كَانَ فِى هَـٰذِهِۦۤ أَعۡمَىٰ فَهُوَ فِى ٱلۡأَخِرَةِ أَعۡمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلاً۬ (٧٢) وَإِن ڪَادُواْ لَيَفۡتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِىٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ لِتَفۡتَرِىَ عَلَيۡنَا غَيۡرَهُ ۥ‌ۖ وَإِذً۬ا لَّٱتَّخَذُوكَ خَلِيلاً۬ (٧٣) وَلَوۡلَآ أَن ثَبَّتۡنَـٰكَ لَقَدۡ كِدتَّ تَرۡڪَنُ إِلَيۡهِمۡ شَيۡـًٔ۬ا قَلِيلاً (٧٤) إِذً۬ا لَّأَذَقۡنَـٰكَ ضِعۡفَ ٱلۡحَيَوٰةِ وَضِعۡفَ ٱلۡمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيۡنَا نَصِيرً۬ا (٧٥) وَإِن ڪَادُواْ لَيَسۡتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلۡأَرۡضِ لِيُخۡرِجُوكَ مِنۡهَا‌ۖ وَإِذً۬ا لَّا يَلۡبَثُونَ خِلَـٰفَكَ إِلَّا قَلِيلاً۬ (٧٦) سُنَّةَ مَن قَدۡ أَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ مِن رُّسُلِنَا‌ۖ وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحۡوِيلاً (٧٧) أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمۡسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيۡلِ وَقُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ‌ۖ إِنَّ قُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ كَانَ مَشۡہُودً۬ا (٧٨) وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَتَهَجَّدۡ بِهِۦ نَافِلَةً۬ لَّكَ عَسَىٰٓ أَن يَبۡعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامً۬ا مَّحۡمُودً۬ا (٧٩) وَقُل رَّبِّ أَدۡخِلۡنِى مُدۡخَلَ صِدۡقٍ۬ وَأَخۡرِجۡنِى مُخۡرَجَ صِدۡقٍ۬ وَٱجۡعَل لِّى مِن لَّدُنكَ سُلۡطَـٰنً۬ا نَّصِيرً۬ا (٨٠) وَقُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَزَهَقَ ٱلۡبَـٰطِلُ‌ۚ إِنَّ ٱلۡبَـٰطِلَ كَانَ زَهُوقً۬ا (٨١) وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٌ۬ وَرَحۡمَةٌ۬ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ‌ۙ وَلَا يَزِيدُ ٱلظَّـٰلِمِينَ إِلَّا خَسَارً۬ا (٨٢) وَإِذَآ أَنۡعَمۡنَا عَلَى ٱلۡإِنسَـٰنِ أَعۡرَضَ وَنَـَٔا بِجَانِبِهِۦ‌ۖ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ كَانَ يَـُٔوسً۬ا (٨٣) قُلۡ ڪُلٌّ۬ يَعۡمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِۦ فَرَبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِمَنۡ هُوَ أَهۡدَىٰ سَبِيلاً۬ (٨٤)


(40) {وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا} لم يكن إعتراض القرآن على قولهم إنهم إتخذوا الملائكة “إناثاً” للتقليل من شأن الإناث ولكن لأن ذلك الزعم كان بلا دليل أو برهان كما وضحت الآية الكريمة {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَٰنِ إِنَاثًا ۚ أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ ۚ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ } فالعتاب هنا على الإفتراء على الله بغير دليل.

(42) {قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ} أى كما يقول كفار مكة الذين عبدوا أصناماً مثل اللات و العزى و جعلوها آلهة تعبد من دون الله.

(44) { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ } كل شئ فى الوجود يتكلم عن الله خالق الكون ومبدعه و مصوره فالورود فى أكنانها والفرشات بألوانها و الشمس والقمر والنجوم والدواب كلها تتكلم عن جمال الله وتنطق بعظمته فهو الذى تتكلم آلاؤه و تهمس عجائبه بأن أحداً فى الوجود لا يدانيه و أنه ليس كمثله شئ.

 (53) {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} على المؤمن الحقيقى أن يتحرى دائماً ما يقوله للآخرين فيستخدم دائماً أجمل و أذوق و أرق التعبيرات، فحين يخاطب الإنسان جاره أو أهله أو زوجته أو الغرباء فعليه أن يختار أحلى الكلمات و أكثرها ذوقاً.   

 (54) {إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ} الله وحده لا شريكاً له هو صاحب المشيئة فى أن يرحم أحداً أو أن يعذبه و ليس لبشر أن يتدخل فى حق خاص بالذات الإلهية ولا حتى الرسول له الحق فى التدخل فى هذا الشأن فكما قال القرآن {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا}، وقد أعطى الله لنفسه هذا الحق لأنه هو الأعلم بعباده كما ذكرت الآية {رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ}.

(55) {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ} الله من حقه وحده أن يفضل بعض النبيين على بعض كما قال ولكن ذلك ليس من حقنا نحن،  فكما قال تعالى عن المؤمنين به أنهم لا يفرقوا بين أحد من رسله {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ }.

(57) نلاحظ إستخدام القرآن كلمة {رَبِّهِمْ} و ليس “ربك”.

(60) {الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ} قيل هو العروج الى السماء.

 {نُخَوِّفُهُمْ} أى نخوفهم من عمل الشر والظلم.

{طُغْيَانًا كَبِيرًا} الطغيان هو أى عمل يطغى فيه الإنسان على الآخر فيظلمه أو يستضعفه مثل غالبية تطغى على حق أقلية تعيش بينها فتحرمها من حقوقها كما فعل كفار مكة مع الرسول وكما فعل الطاغية فرعون {اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ} حينما إستضعف أقلية تعيش فى بلده وهم بنو إسرائيل لأنهم يختلفون عنهم فى العقيدة و الفكر ويعبدون إلهاً آخر، ووصف الله طغيان فرعون بقوله :

  • {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}.
  • وفى هذ المضمون نذكر أيضاً قوله تعالى { إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا * لِّلطَّاغِينَ مَآبًا }

وَيَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ‌ۖ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنۡ أَمۡرِ رَبِّى وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ إِلَّا قَلِيلاً۬ (٨٥) وَلَٮِٕن شِئۡنَا لَنَذۡهَبَنَّ بِٱلَّذِىٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِۦ عَلَيۡنَا وَڪِيلاً (٨٦) إِلَّا رَحۡمَةً۬ مِّن رَّبِّكَ‌ۚ إِنَّ فَضۡلَهُ ۥ كَانَ عَلَيۡكَ ڪَبِيرً۬ا (٨٧) قُل لَّٮِٕنِ ٱجۡتَمَعَتِ ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَىٰٓ أَن يَأۡتُواْ بِمِثۡلِ هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لَا يَأۡتُونَ بِمِثۡلِهِۦ وَلَوۡ كَانَ بَعۡضُہُمۡ لِبَعۡضٍ۬ ظَهِيرً۬ا (٨٨) وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا لِلنَّاسِ فِى هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٍ۬ فَأَبَىٰٓ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا ڪُفُورً۬ا (٨٩) وَقَالُواْ لَن نُّؤۡمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفۡجُرَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَرۡضِ يَنۢبُوعًا (٩٠) أَوۡ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ۬ مِّن نَّخِيلٍ۬ وَعِنَبٍ۬ فَتُفَجِّرَ ٱلۡأَنۡهَـٰرَ خِلَـٰلَهَا تَفۡجِيرًا (٩١) أَوۡ تُسۡقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمۡتَ عَلَيۡنَا كِسَفًا أَوۡ تَأۡتِىَ بِٱللَّهِ وَٱلۡمَلَـٰٓٮِٕڪَةِ قَبِيلاً (٩٢) أَوۡ يَكُونَ لَكَ بَيۡتٌ۬ مِّن زُخۡرُفٍ أَوۡ تَرۡقَىٰ فِى ٱلسَّمَآءِ وَلَن نُّؤۡمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيۡنَا كِتَـٰبً۬ا نَّقۡرَؤُهُ ۥ‌ۗ قُلۡ سُبۡحَانَ رَبِّى هَلۡ كُنتُ إِلَّا بَشَرً۬ا رَّسُولاً۬ (٩٣) وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤۡمِنُوٓاْ إِذۡ جَآءَهُمُ ٱلۡهُدَىٰٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓاْ أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَرً۬ا رَّسُولاً۬ (٩٤) قُل لَّوۡ كَانَ فِى ٱلۡأَرۡضِ مَلَـٰٓٮِٕڪَةٌ۬ يَمۡشُونَ مُطۡمَٮِٕنِّينَ لَنَزَّلۡنَا عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَڪً۬ا رَّسُولاً۬ (٩٥) قُلۡ ڪَفَىٰ بِٱللَّهِ شَہِيدَۢا بَيۡنِى وَبَيۡنَڪُمۡ‌ۚ إِنَّهُ ۥ كَانَ بِعِبَادِهِۦ خَبِيرَۢا بَصِيرً۬ا (٩٦)


(85) { قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي } الروح هى سر الحياة و هى أحد الأسرار الإلهية، التى لا يعلمها إلا هو وحتي بعض العلماء المشهورين مثل داروين و الذى كان مقتنعاً بتطورالكائنات قال فى بداية كتابه ” أصل الأنواع ” أن الحياة سر و لغز عميق لا يستطيع إدراكه، وذلك لا يعنى إننا لا نحاول أن نبحث علمياً عن سر الحياة وكيمياء الخلق فعملية البحث والعلم أمرنا الله تعالى بها فلم يأمر الله الرسول أن يستزيد من شئ إلا شيئاً واحداً ألا وهو العلم {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا}.

 (89-93) كان مشركو مكة ينتظرون خرقاً لقوانين الطبيعة للإيمان بالله و جاء القرآن ليعلمهم أن قوانين الطبيعة نفسها هى آيات الله الحقيقية :

  • {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ}.
  • و تؤكد هذه الآيات أيضاً على بشرية الرسول فإنتهت بقوله { قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا}.
  • فالرسول كما قال القرآن هو بشر مثلنا يبلغ رسالات الله إلينا {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ}
  • وهو لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً {قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا}
  • وهو لا يعرف كيف سيحاسب هو أو الآخرون {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ}
  • وليس من حقه أن يتقول على الله شيئاً لم يقله {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ }
  • وهو لا يعلم الغيب { وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ }
  • وهو مقتد ٍ بمن سبقه من الرسل الحاملين أيضاً لرسالات الله {أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}
  • ومتبع لملة إبراهيم {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} وهو ليس بدعاً من الرسل وهذه صفات الرسول عليه السلام الذى أرسله الله رحمة للعالمين {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}.

 وَمَن يَہۡدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلۡمُهۡتَدِ‌ۖ وَمَن يُضۡلِلۡ فَلَن تَجِدَ لَهُمۡ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِهِۦ‌ۖ وَنَحۡشُرُهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَـٰمَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمۡ عُمۡيً۬ا وَبُكۡمً۬ا وَصُمًّ۬ا‌ۖ مَّأۡوَٮٰهُمۡ جَهَنَّمُ‌ۖ ڪُلَّمَا خَبَتۡ زِدۡنَـٰهُمۡ سَعِيرً۬ا (٩٧) ذَٲلِكَ جَزَآؤُهُم بِأَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِـَٔايَـٰتِنَا وَقَالُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَـٰمً۬ا وَرُفَـٰتًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ خَلۡقً۬ا جَدِيدًا (٩٨) ۞ أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٲتِ وَٱلۡأَرۡضَ قَادِرٌ عَلَىٰٓ أَن يَخۡلُقَ مِثۡلَهُمۡ وَجَعَلَ لَهُمۡ أَجَلاً۬ لَّا رَيۡبَ فِيهِ فَأَبَى ٱلظَّـٰلِمُونَ إِلَّا كُفُورً۬ا (٩٩) قُل لَّوۡ أَنتُمۡ تَمۡلِكُونَ خَزَآٮِٕنَ رَحۡمَةِ رَبِّىٓ إِذً۬ا لَّأَمۡسَكۡتُمۡ خَشۡيَةَ ٱلۡإِنفَاقِ‌ۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَـٰنُ قَتُورً۬ا (١٠٠) وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَىٰ تِسۡعَ ءَايَـٰتِۭ بَيِّنَـٰتٍ۬‌ۖ فَسۡـَٔلۡ بَنِىٓ إِسۡرَٲٓءِيلَ إِذۡ جَآءَهُمۡ فَقَالَ لَهُ ۥ فِرۡعَوۡنُ إِنِّى لَأَظُنُّكَ يَـٰمُوسَىٰ مَسۡحُورً۬ا (١٠١) قَالَ لَقَدۡ عَلِمۡتَ مَآ أَنزَلَ هَـٰٓؤُلَآءِ إِلَّا رَبُّ ٱلسَّمَـٰوَٲتِ وَٱلۡأَرۡضِ بَصَآٮِٕرَ وَإِنِّى لَأَظُنُّكَ يَـٰفِرۡعَوۡنُ مَثۡبُورً۬ا (١٠٢) فَأَرَادَ أَن يَسۡتَفِزَّهُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ فَأَغۡرَقۡنَـٰهُ وَمَن مَّعَهُ ۥ جَمِيعً۬ا (١٠٣) وَقُلۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِۦ لِبَنِىٓ إِسۡرَٲٓءِيلَ ٱسۡكُنُواْ ٱلۡأَرۡضَ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ ٱلۡأَخِرَةِ جِئۡنَا بِكُمۡ لَفِيفً۬ا (١٠٤) وَبِٱلۡحَقِّ أَنزَلۡنَـٰهُ وَبِٱلۡحَقِّ نَزَلَ‌ۗ وَمَآ أَرۡسَلۡنَـٰكَ إِلَّا مُبَشِّرً۬ا وَنَذِيرً۬ا (١٠٥) وَقُرۡءَانً۬ا فَرَقۡنَـٰهُ لِتَقۡرَأَهُ ۥ عَلَى ٱلنَّاسِ عَلَىٰ مُكۡثٍ۬ وَنَزَّلۡنَـٰهُ تَنزِيلاً۬ (١٠٦) قُلۡ ءَامِنُواْ بِهِۦۤ أَوۡ لَا تُؤۡمِنُوٓاْ‌ۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ مِن قَبۡلِهِۦۤ إِذَا يُتۡلَىٰ عَلَيۡہِمۡ يَخِرُّونَ لِلۡأَذۡقَانِ سُجَّدً۬ا (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبۡحَـٰنَ رَبِّنَآ إِن كَانَ وَعۡدُ رَبِّنَا لَمَفۡعُولاً۬ (١٠٨) وَيَخِرُّونَ لِلۡأَذۡقَانِ يَبۡكُونَ وَيَزِيدُهُمۡ خُشُوعً۬ا ۩ (١٠٩) قُلِ ٱدۡعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدۡعُواْ ٱلرَّحۡمَـٰنَ‌ۖ أَيًّ۬ا مَّا تَدۡعُواْ فَلَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ‌ۚ وَلَا تَجۡهَرۡ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتۡ بِہَا وَٱبۡتَغِ بَيۡنَ ذَٲلِكَ سَبِيلاً۬ (١١٠) وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى لَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدً۬ا وَلَمۡ يَكُن لَّهُ ۥ شَرِيكٌ۬ فِى ٱلۡمُلۡكِ وَلَمۡ يَكُن لَّهُ ۥ وَلِىٌّ۬ مِّنَ ٱلذُّلِّ‌ۖ وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِيرَۢا (١١١)


(97)  طريق هداية الله هو أن يتصف الإنسان بالعدل والإحسان وغيرها من الصفات الحميدة وطريق الضلالة هو طريق الشر والظلم والبغضاء، وعلى الإنسان أن يختار أحد الطريقين {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}.

 (98-100)  يتكلم القرآن هنا عن كفار مكة ووصفتهم الآية بما يلى {فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا} فإثمهم الأعظم هو فى ظلمهم و قسوتهم على من كان أضعف منهم فهم الذين طردوا المسلمين الآوائل من مكة وعذبوهم و أخرجوهم من ديارهم وبذلك إختاروا طريق الظلم بدلاً من طريق الرحمة و التى أشارت لها الآيات بعد ذلك بقوله تعالى :

  • { قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنفَاقِ ۚ وَكَانَ الْإِنسَانُ قَتُورًا }.
  • والكفر أو الإيمان بآيات الله ليس كلمات تقال فهناك من ينطق بأنه يؤمن بكلمات الله وهو فى الحقيقة يسارع فى الكفر {لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ}.
  • فلا قيمة لمن يقول باللسان إنه مؤمن ولكن حقيقة أفعاله تتسم بصفات الكفر كالظلم وعدم العدل و القسوة،  فالمؤمن الحقيقى لا يكون ظالماً {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ},وعليه أن يكون عادلاً {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ }, وأن يتصف بالرحمة لا بالقسوة {وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ}.

 (104) { وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا } ” بكم ” أى ببنى إسرائيل، وهذا وعد إلهى لبنى إسرائيل بإن الله سيجمعهم من شتات الأرض مرة اخرى {إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا}. و تتكلم هذه الآية عن شتات بنى إسرائيل فى بقاع الأرض بعد أن دمر ” نبوخذ نصر ” هيكل سليمان و قد وعدهم الله تعالى كما جاء فى الآية بأنه سيجمعهم مرة أخرى.

(107) {أُوتُوا الْعِلْمَ} :

  • قد يكون المقصود به العلم الدينى مثل علماء بنى أسرائيل {أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ}
  • وقد يكون المقصود بالعلم هو العلم اللدنّى الذى أعطاه الله لعبده الخضر كما ذكر الله فى سورة الكهف {فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا }.
  • و قد يكون المقصود بالعلم هو العلم والمعرفة بملكوت الله وكونه ومجراته و ذراته مثل علوم الفيزياء والكيمياء و الأحياء وغيرها  فهؤلاء العلماء الذين يدرسون عجائب الله فى خلقه و ينهلون من نور معرفته يرون عظمة الله فى خلق السماوات و الأرض و كما قال تعالى{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ۚ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ  * وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ ۗ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ}.

(109) {يَبْكُونَ} عباد الله يبكون من شدة التأثروالخشوع حين يُذكر الله و آياته أمامهم و يتفكرون فى عظمته وقدرته وهؤلاء الذين يبكون من حبهم لله و إقترابهم منه موجودون منذ القدم وفى كل العصور فكما قال الله تعالى عن الصالحين و الرسل {أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا ۚ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا }.

 (110) { أَيًّا مَّا تَدْعُوا } يؤكد هنا القرآن أن ما يطلقه البشر كإسم لله فى لغتهم أو كيف يسمونه ليس هو المهم فقد يدعوه أحد بأسم ” الله أو الرحمن أو القدير” و قد يدعوه آخرون باسماء أخرى تبعاً للغاتهم المختلفة {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ }، وما يهم فى العبادة هو شعور الإنسان الداخلى بخالق السماوات والأرض ومبدعها وصانعها من العدم فأياً كان الأسم الذى يسمى الإنسان به الخالق {أَيًّا مَّا تَدْعُوا} فلن يغير من صفات الله شيئا، فالله سواء بأى أسم ناديته هو الخالق والبارئ و المصور وهو بديع السماوات و الأرض وهو الذى يقول للشئ كن فيكون وهو الذى يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه.

(111) {الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا} فهم كلمة ” إبن ” بصورة مادية أى بمعنى أن الله تزوج وأنجب من أمرأة كما نفعل نحن هو مفهوم مرفوض فى القرآن وعند الكثيرين {أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ ۖ}. أما إن فهمها البعض بمعنى مجازى يفيد أن المسيح كلمة الله و روح منه فإن هذا المفهوم لا يختلف كثيراً عن مفهوم القرآن للمسيح {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ }، وفى حقيقة الأمر فإن ما يهم فى الكلمات هو مفهومها و ليس فقط أحرفها فلو فهم أحد مثلاً تعبير و { وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ } والمذكور فى القرآن بأن الله محدود فقط فى داخل هذا المكان ” الكعبة ” فقد خالف مفهوم القرآن للإله أما إن فهم كلمة ” بيتى ” بصورة مجازية بمعنى أنه مكان يستضيف الله فيه عباده ليعبدوه فالأمر يختلف تماماً ويتفق مع مفهوم القرآن للخالق وكذلك الحال فى مفهوم كلمة إبن والتى قد تفهم أيضاً بصورة مجازية عند البعض.

أضف تعليق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: