القران الكريم

سورة الحَاقَّة

الحَاقَّة

بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ

ٱلۡحَآقَّةُ (١) مَا ٱلۡحَآقَّةُ (٢) وَمَآ أَدۡرَٮٰكَ مَا ٱلۡحَآقَّةُ (٣) كَذَّبَتۡ ثَمُودُ وَعَادُۢ بِٱلۡقَارِعَةِ (٤) فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهۡلِڪُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ (٥) وَأَمَّا عَادٌ۬ فَأُهۡلِڪُواْ بِرِيحٍ۬ صَرۡصَرٍ عَاتِيَةٍ۬ (٦) سَخَّرَهَا عَلَيۡہِمۡ سَبۡعَ لَيَالٍ۬ وَثَمَـٰنِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومً۬ا فَتَرَى ٱلۡقَوۡمَ فِيہَا صَرۡعَىٰ كَأَنَّہُمۡ أَعۡجَازُ نَخۡلٍ خَاوِيَةٍ۬ (٧) فَهَلۡ تَرَىٰ لَهُم مِّنۢ بَاقِيَةٍ۬ (٨) وَجَآءَ فِرۡعَوۡنُ وَمَن قَبۡلَهُ ۥ وَٱلۡمُؤۡتَفِكَـٰتُ بِٱلۡخَاطِئَةِ (٩) فَعَصَوۡاْ رَسُولَ رَبِّہِمۡ فَأَخَذَهُمۡ أَخۡذَةً۬ رَّابِيَةً (١٠)


(1) {الْحَاقَّةُ} هى يوم القيامة لأن الحق يظهر فيه {ذَٰلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ}.

 (5-10) حين يذكرنا القرآن بهلاك الأمم السابقة فعلينا أن نسأل أنفسنا لماذا غضب الله عليهم ويشرح لنا القرآن حقيقة متكررة فى جميع قصص الأنبياء وهى أن هذه الأمم الظالمة بدون إستثناء إضطهدت  رسل الله المسالمين لا لشئ إلا لأنهم بشروا  ودعوا الى  فكر وعقيدة تخالف ما أجمع عليه المجتمع حين ذاك، وقد ظنت هذه المجتمعات الظالمة أن الحق معهم لأنهم أغلبية ولم يعرفوا قول الله {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ } فإتباع الأكثرية لفكر ما لا يعنى أنهم على الحق.

 وقد وضح القرآن لنا صورة الإضطهاد الدينى فى هذه الأمم للأقليات التى تعيش بينها فى قوله تعالى { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ۖ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ }، ونرى فى الكثير من الآيات كيف صب الله غضبه على هذه الأمم بسبب جرائمهم فى حق من يختلف معهم فى الفكر والعقيدة، وعلينا أن ندرك أننا لو إضطهدنا غيرَنا بسبب أن فكرهم مختلف عنا أو أنهم  يدعون الى عقيدة لا تتفق مع عقيدتنا فقد أصبحنا إذاً مثل هذه الأمم ولا نفرق عنهم شيئاً {إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ}.


إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلۡمَآءُ حَمَلۡنَـٰكُمۡ فِى ٱلۡجَارِيَةِ (١١) لِنَجۡعَلَهَا لَكُمۡ تَذۡكِرَةً۬ وَتَعِيَہَآ أُذُنٌ۬ وَٲعِيَةٌ۬ (١٢) فَإِذَا نُفِخَ فِى ٱلصُّورِ نَفۡخَةٌ۬ وَٲحِدَةٌ۬ (١٣) وَحُمِلَتِ ٱلۡأَرۡضُ وَٱلۡجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً۬ وَٲحِدَةً۬ (١٤) فَيَوۡمَٮِٕذٍ۬ وَقَعَتِ ٱلۡوَاقِعَةُ (١٥) وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَهِىَ يَوۡمَٮِٕذٍ۬ وَاهِيَةٌ۬ (١٦) وَٱلۡمَلَكُ عَلَىٰٓ أَرۡجَآٮِٕهَا‌ۚ وَيَحۡمِلُ عَرۡشَ رَبِّكَ فَوۡقَهُمۡ يَوۡمَٮِٕذٍ۬ ثَمَـٰنِيَةٌ۬ (١٧) يَوۡمَٮِٕذٍ۬ تُعۡرَضُونَ لَا تَخۡفَىٰ مِنكُمۡ خَافِيَةٌ۬ (١٨) فَأَمَّا مَنۡ أُوتِىَ كِتَـٰبَهُ ۥ بِيَمِينِهِۦ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقۡرَءُواْ كِتَـٰبِيَهۡ (١٩) إِنِّى ظَنَنتُ أَنِّى مُلَـٰقٍ حِسَابِيَهۡ (٢٠) فَهُوَ فِى عِيشَةٍ۬ رَّاضِيَةٍ۬ (٢١) فِى جَنَّةٍ عَالِيَةٍ۬ (٢٢) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ۬ (٢٣) كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيٓـَٔۢا بِمَآ أَسۡلَفۡتُمۡ فِى ٱلۡأَيَّامِ ٱلۡخَالِيَةِ (٢٤) وَأَمَّا مَنۡ أُوتِىَ كِتَـٰبَهُ ۥ بِشِمَالِهِۦ فَيَقُولُ يَـٰلَيۡتَنِى لَمۡ أُوتَ كِتَـٰبِيَهۡ (٢٥) وَلَمۡ أَدۡرِ مَا حِسَابِيَهۡ (٢٦) يَـٰلَيۡتَہَا كَانَتِ ٱلۡقَاضِيَةَ (٢٧) مَآ أَغۡنَىٰ عَنِّى مَالِيَهۡۜ (٢٨) هَلَكَ عَنِّى سُلۡطَـٰنِيَهۡ (٢٩) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠) ثُمَّ ٱلۡجَحِيمَ صَلُّوهُ (٣١) ثُمَّ فِى سِلۡسِلَةٍ۬ ذَرۡعُهَا سَبۡعُونَ ذِرَاعً۬ا فَٱسۡلُكُوهُ (٣٢) إِنَّهُ ۥ كَانَ لَا يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ ٱلۡعَظِيمِ (٣٣) وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِينِ (٣٤) فَلَيۡسَ لَهُ ٱلۡيَوۡمَ هَـٰهُنَا حَمِيمٌ۬ (٣٥) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنۡ غِسۡلِينٍ۬ (٣٦) لَّا يَأۡكُلُهُ ۥۤ إِلَّا ٱلۡخَـٰطِـُٔونَ (٣٧) فَلَآ أُقۡسِمُ بِمَا تُبۡصِرُونَ (٣٨) وَمَا لَا تُبۡصِرُونَ (٣٩) إِنَّهُ ۥ لَقَوۡلُ رَسُولٍ۬ كَرِيمٍ۬ (٤٠) وَمَا هُوَ بِقَوۡلِ شَاعِرٍ۬‌ۚ قَلِيلاً۬ مَّا تُؤۡمِنُونَ (٤١) وَلَا بِقَوۡلِ كَاهِنٍ۬‌ۚ قَلِيلاً۬ مَّا تَذَكَّرُونَ (٤٢) تَنزِيلٌ۬ مِّن رَّبِّ ٱلۡعَـٰلَمِينَ (٤٣)


(11) {الْجَارِيَةِ} قيل هى سفينة نوح وسميت كذلك لأنها كانت تجرى على الماء و منها ” الجوار ” وهى جمع جارية  كما قال فى سورة الرحمن {وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ} أى السفن الجارية.

 (33) {إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ} المؤمنون بالله هم من عرفوه ووصلوا إليه وتأملوا فى ملكوته وقرءوا كلماته فى التوراة والإنجيل والقرآن وكانت أعمالهم الخيرة مثل الرحمة والتواضع والمحبة والمغفرة والكلمة الحلوة هى دلائل إيمانهم، وقد أوضح لنا القرآن أن كل من يتعايش فى سلام مع الآخرين فهو يعتبر مؤمناً عند الله تعالى {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} أى لا تقولوا لمن يتعايش مع الآخرين فى سلام وأمان ومودة أنه ليس مؤمناً, والإيمان درجة أعلى من الإسلام {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ } فهناك البعض كما ذكرت الآية السابقة  أسلموا ولكنهم لم يصلوا لدرجات الإيمان الحقيقى بعد.

(37) {الْخَاطِئُونَ} إستخدم القرآن وصف خاطئين ليصف ما فعله فرعون مع بنى إسرائيل من إستضعاف وظلم و قهر و وحشية مثل محاولة قتل موسى { وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ} و حاولة صلب السحرة حينما آمنوا بإله موسى {قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ۖ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىٰ }. وقد وصف القرآن تصرفات فرعون المذكورة فى الآيات السابقة بقوله {إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ}، وإستخدم القرآن أيضاً كلمة خاطئين لوصف الجريمة التى فعلها أخوة يوسف معه وهو صغير حينما ألقوه فى البئر وظلموه لسنين عديدة وفى النهاية إعترفوا بجرمهم و قالوا {قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ}، فالظلم خطيئة والكذب خطيئة وإستضعاف الأقليات خطيئة.


 وَلَوۡ تَقَوَّلَ عَلَيۡنَا بَعۡضَ ٱلۡأَقَاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذۡنَا مِنۡهُ بِٱلۡيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ (٤٦) فَمَا مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ عَنۡهُ حَـٰجِزِينَ (٤٧) وَإِنَّهُ ۥ لَتَذۡكِرَةٌ۬ لِّلۡمُتَّقِينَ (٤٨) وَإِنَّا لَنَعۡلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذِّبِينَ (٤٩) وَإِنَّهُ ۥ لَحَسۡرَةٌ عَلَى ٱلۡكَـٰفِرِينَ (٥٠) وَإِنَّهُ ۥ لَحَقُّ ٱلۡيَقِينِ (٥١) فَسَبِّحۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلۡعَظِيمِ (٥٢)


(44-47) {الْوَتِينَ} هو رباط القلب والآية تعنى أنه لو أن محمداً  إفترى على الله شيئاً لم يقله لعاقبه الله أشد العقاب، ولنا أن نتعلم من ذلك فلم يكن ليشفع للنبى عليه السلام كل أعمال الخير وعباداته لله إن إفترى على الله كذباً، فإذا كان هذا حال الرسول إذا إفترى على الله كذباً فما بالنا بحالنا إذا تقولنا على الله ما لم يقله {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}, {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ}.

(51) {الْكَافِرِينَ}  إستخدم القرآن أداة التعريف و لم يقل “من كفر” ليحدد المعنى ويخصصه فى كافرين بعينهم وهم مشركو مكة الذين إضطهدوا الرسول و من معه فى بدء الدعوة.

أضف تعليق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: