بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
وَٱلذَّٲرِيَـٰتِ ذَرۡوً۬ا (١) فَٱلۡحَـٰمِلَـٰتِ وِقۡرً۬ا (٢) فَٱلۡجَـٰرِيَـٰتِ يُسۡرً۬ا (٣) فَٱلۡمُقَسِّمَـٰتِ أَمۡرًا (٤) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ۬ (٥) وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَٲقِعٌ۬ (٦) وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلۡحُبُكِ (٧) إِنَّكُمۡ لَفِى قَوۡلٍ۬ مُّخۡتَلِفٍ۬ (٨) يُؤۡفَكُ عَنۡهُ مَنۡ أُفِكَ (٩) قُتِلَ ٱلۡخَرَّٲصُونَ (١٠) ٱلَّذِينَ هُمۡ فِى غَمۡرَةٍ۬ سَاهُونَ (١١) يَسۡـَٔلُونَ أَيَّانَ يَوۡمُ ٱلدِّينِ (١٢) يَوۡمَ هُمۡ عَلَى ٱلنَّارِ يُفۡتَنُونَ (١٣) ذُوقُواْ فِتۡنَتَكُمۡ هَـٰذَا ٱلَّذِى كُنتُم بِهِۦ تَسۡتَعۡجِلُونَ (١٤) إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِى جَنَّـٰتٍ۬ وَعُيُونٍ (١٥) ءَاخِذِينَ مَآ ءَاتَٮٰهُمۡ رَبُّہُمۡۚ إِنَّہُمۡ كَانُواْ قَبۡلَ ذَٲلِكَ مُحۡسِنِينَ (١٦) كَانُواْ قَلِيلاً۬ مِّنَ ٱلَّيۡلِ مَا يَہۡجَعُونَ (١٧) وَبِٱلۡأَسۡحَارِ هُمۡ يَسۡتَغۡفِرُونَ (١٨) وَفِىٓ أَمۡوَٲلِهِمۡ حَقٌّ۬ لِّلسَّآٮِٕلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ (١٩) وَفِى ٱلۡأَرۡضِ ءَايَـٰتٌ۬ لِّلۡمُوقِنِينَ (٢٠) وَفِىٓ أَنفُسِكُمۡۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ (٢١) وَفِى ٱلسَّمَآءِ رِزۡقُكُمۡ وَمَا تُوعَدُونَ (٢٢) فَوَرَبِّ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ إِنَّهُ ۥ لَحَقٌّ۬ مِّثۡلَ مَآ أَنَّكُمۡ تَنطِقُونَ (٢٣) هَلۡ أَتَٮٰكَ حَدِيثُ ضَيۡفِ إِبۡرَٲهِيمَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ (٢٤) إِذۡ دَخَلُواْ عَلَيۡهِ فَقَالُواْ سَلَـٰمً۬اۖ قَالَ سَلَـٰمٌ۬ قَوۡمٌ۬ مُّنكَرُونَ (٢٥) فَرَاغَ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ فَجَآءَ بِعِجۡلٍ۬ سَمِينٍ۬ (٢٦) فَقَرَّبَهُ ۥۤ إِلَيۡہِمۡ قَالَ أَلَا تَأۡكُلُونَ (٢٧) فَأَوۡجَسَ مِنۡہُمۡ خِيفَةً۬ۖ قَالُواْ لَا تَخَفۡۖ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَـٰمٍ عَلِيمٍ۬ (٢٨) فَأَقۡبَلَتِ ٱمۡرَأَتُهُ ۥ فِى صَرَّةٍ۬ فَصَكَّتۡ وَجۡهَهَا وَقَالَتۡ عَجُوزٌ عَقِيمٌ۬ (٢٩) قَالُواْ كَذَٲلِكِ قَالَ رَبُّكِۖ إِنَّهُ ۥ هُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡعَلِيمُ (٣٠) ۞ قَالَ فَمَا خَطۡبُكُمۡ أَيُّہَا ٱلۡمُرۡسَلُونَ (٣١) قَالُوٓاْ إِنَّآ أُرۡسِلۡنَآ إِلَىٰ قَوۡمٍ۬ مُّجۡرِمِينَ (٣٢) لِنُرۡسِلَ عَلَيۡہِمۡ حِجَارَةً۬ مِّن طِينٍ۬ (٣٣) مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلۡمُسۡرِفِينَ (٣٤) فَأَخۡرَجۡنَا مَن كَانَ فِيہَا مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ (٣٥)
يقسم الله بعجائب الكون والخلق كى يعرفنا بقدرته و يعلمنا عن ذاته و لا يقسم الله إلا بشئ عظيم كما نرى فى الآيات التالية :
(1) {وَالذَّارِيَاتِ} أى الرياح، ويقال تذروه الرياح أى تزيله من شدة قوتها.
(2) {فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا} أى تحمل السحب.
(3) {فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا} أى تسير بيسر.
(7) {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} أى السماء ذات الخلق الحسن والمحكم، وكما ذكر تفسير الشوكانى قال ابن الأعرابى كل شئ أحكمته (أتقنته) وأحسنت عمله فقد حبكته، وقيل الحبك هى النجوم.
(10) {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} أى الكذابون.
(19) يقر القرآن هنا بأن المال الذى نعطيه للمحتاج كصدقة أو تبرع هو حق له على المجتمع وليس مِنَّة أو تفضلاً منا فهو مال الله يذهب إليه {مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} وهذا هو نفس المبدأ الذى تقوم عليه نظم الرعاية الإجتماعية المتحضرة والتى ترى أن الإنسان له حق على المجتمع لكونه إنساناً.
(21) يحثنا القرآن الكريم دائماً على التفكر فى ملكوت السماوات و الأرض وفى خلق أنفسنا لنرى قدرة الله ولنتأمل عجائبه ونعرف قدره.
(26) تعلمنا هذه الآية إكرام الضيف.
(32) {مجرمين} لم يهلك الله القرى أو الأمم السابقة فى القصص القرآنى لمجرد أنهم يفكرون بصورة مختلفة أو لديهم عقيدة أخرى وإنما كان يهلكهم نتيجة أفعالهم الظالمة كما وصفوا فى هذه الآيات {قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ}, {هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ}, {وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ}.
فَمَا وَجَدۡنَا فِيہَا غَيۡرَ بَيۡتٍ۬ مِّنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ (٣٦) وَتَرَكۡنَا فِيہَآ ءَايَةً۬ لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ (٣٧) وَفِى مُوسَىٰٓ إِذۡ أَرۡسَلۡنَـٰهُ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ بِسُلۡطَـٰنٍ۬ مُّبِينٍ۬ (٣٨) فَتَوَلَّىٰ بِرُكۡنِهِۦ وَقَالَ سَـٰحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٌ۬ (٣٩) فَأَخَذۡنَـٰهُ وَجُنُودَهُ ۥ فَنَبَذۡنَـٰهُمۡ فِى ٱلۡيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ۬ (٤٠)
(36) {المسلمين} كان ذلك الوصف لأناس سبقوا نزول القرآن بآلاف الأعوام وذلك يؤكد أن الإسلام يعنى أساساً العيش بسلام مع الآخرين وأنه لا يعنى بالضرورة إتباع أركان الديانة الإسلامية كما نعرفها، فهؤلاء وصفوا بأنهم مسلمون فى حين أنهم لم يعرفوا محمداً أو القرآن أو شعائر الديانة الإسلامية، علينا أن نفرق بين {الْمُسْلِمِينَ} بمعناها اللغوى وإتباع أركان “الديانة الإسلامية “. فقد ذكر القرآن الكريم أن العديد من الرسل السابقين كانوا مسلمين مثل إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ}، وذكر عن الحواريين أنهم قالوا {وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} و كان ذلك قبل نزول القرآن أيضاً، ولذا وجب التفرقة بين الإسلام بمعناه اللغوى و إتباع الديانة الإسلامية بمفهومها العقائدى.
لفهم مفهوم كلمة الإسلام و كلمة المسلمين فلنقرأ ما يلى :
- ذكر القرآن أن كثيراً من الأنبياء كانوا مسلمين وكان ذلك قبل نزول القرآن وقبل الديانة الإسلامية بأركانها التى نعرفها، فعلينا أن نفرق بين الإسلام بمعناه اللغوى وإتباع الديانة الإسلامية بأركانها المعروفة لنا.
- فالإسلام لغوياً يعنى صناعة السلام أو تفعيل السلام فى الأرض فكما فى صلح – أصلح – إصلاح – مصلحين فكلمة مسلمين مشتقه من سلم – أسلم – إسلام – مسلمين أى صانعى السلام فى الأرض فكل من يصنع سلاماً فهو من المسلمين بمفهومها اللغوى وهو مقبول عند الله تعالى {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}.
- أى أن الطريق الى الله يكون بالعيش بسلام مع الآخرين، أما الديانة الإسلامية فتشمل إتباع القرآن وأداء شعائر بعينها، فمن يفعل هذه الشعائر ولكنه يفسد فى الأرض ويتبع طريق العنف بدلاً من أن ينشر السلام فى الأرض فهو ليس بمسلم بمفهوم الكلمة اللغوى.
- فبإختصار من يقوم بعمل الشعائر الإسلامية ولكنه لا يسالم الآخرين فهو ليس بمسلم و هو كمثل من كان أسمه فى البطاقة “كريم” و فى الحقيقة فهو ليس كريم فى صفاته و طباعه.
وَفِى عَادٍ إِذۡ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡہِمُ ٱلرِّيحَ ٱلۡعَقِيمَ (٤١) مَا تَذَرُ مِن شَىۡءٍ أَتَتۡ عَلَيۡهِ إِلَّا جَعَلَتۡهُ كَٱلرَّمِيمِ (٤٢) وَفِى ثَمُودَ إِذۡ قِيلَ لَهُمۡ تَمَتَّعُواْ حَتَّىٰ حِينٍ۬ (٤٣) فَعَتَوۡاْ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّہِمۡ فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلصَّـٰعِقَةُ وَهُمۡ يَنظُرُونَ (٤٤) فَمَا ٱسۡتَطَـٰعُواْ مِن قِيَامٍ۬ وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ (٤٥) وَقَوۡمَ نُوحٍ۬ مِّن قَبۡلُۖ إِنَّہُمۡ كَانُواْ قَوۡمً۬ا فَـٰسِقِينَ (٤٦) وَٱلسَّمَآءَ بَنَيۡنَـٰهَا بِأَيۡيْدٍ۬ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (٤٧) وَٱلۡأَرۡضَ فَرَشۡنَـٰهَا فَنِعۡمَ ٱلۡمَـٰهِدُونَ (٤٨) وَمِن ڪُلِّ شَىۡءٍ خَلَقۡنَا زَوۡجَيۡنِ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ (٤٩) فَفِرُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۖ إِنِّى لَكُم مِّنۡهُ نَذِيرٌ۬ مُّبِينٌ۬ (٥٠) وَلَا تَجۡعَلُواْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ءَاخَرَۖ إِنِّى لَكُم مِّنۡهُ نَذِيرٌ۬ مُّبِينٌ۬ (٥١) كَذَٲلِكَ مَآ أَتَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُواْ سَاحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٌ (٥٢) أَتَوَاصَوۡاْ بِهِۦۚ بَلۡ هُمۡ قَوۡمٌ۬ طَاغُونَ (٥٣) فَتَوَلَّ عَنۡہُمۡ فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ۬ (٥٤) وَذَكِّرۡ فَإِنَّ ٱلذِّكۡرَىٰ تَنفَعُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ (٥٥) وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ (٥٦) مَآ أُرِيدُ مِنۡہُم مِّن رِّزۡقٍ۬ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطۡعِمُونِ (٥٧) إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلۡقُوَّةِ ٱلۡمَتِينُ (٥٨) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذَنُوبً۬ا مِّثۡلَ ذَنُوبِ أَصۡحَـٰبِہِمۡ فَلَا يَسۡتَعۡجِلُونِ (٥٩) فَوَيۡلٌ۬ لِّلَّذِينَ ڪَفَرُواْ مِن يَوۡمِهِمُ ٱلَّذِى يُوعَدُونَ (٦٠)
(41) {الرِّيحَ الْعَقِيمَ} أى لا تبقى ولا تذر.
(47) {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} يرى البعض أن هذه الآية تتكلم عن “إتساع الكون” وهو الذى أدرك بعد ملاحظة إنحراف الطيف الأحمر القادم من المجرات، كان كل الوجود متحداً فى بنية واحدة تسمى المستعر الأعظم وأدى إنفجارها الى تكوين الكون أوما نطلق عليه السماء :
{ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} .
وتم الإنفجار الرهيب حيث بلغت درجات الحرارة حين ذاك أرقاماً فلكية لا يمكن تصورها وبدأ الوجود أو الكون فى الإتساع بعد ذلك {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} حتى يأتى زمان ينكمش فيه الكون مرة أخرى ويعود كما كان :
{ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}.
(49) {وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} خلق الله الزوجية فى الحيوانات والنباتات وأكتشف العلماء أن حتى البكتيريا بها ذكر وأنثى.
(50) {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} يا له من تعبير رائع فالفرار يكون غالباً من الشئ لا إليه {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ * فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ } والآية تحدثنا عن الفرار الى الله فهو فرار من غضب الله الى حبه ورحمته ومغفرته.
(59-60) حذرت الآية كفار مكة { الَّذِينَ كَفَرُوا } من غضب الله عليهم والذى كان سببه أنهم بطشوا بالمسلمين الآوائل وأضطهدوهم و طردوهم من ديارهم لا لشئ إلا أنهم آمنوا بعقيدة جديدة تختلف عن عقيدتهم.