بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
طسٓمٓ (١) تِلۡكَ ءَايَـٰتُ ٱلۡكِتَـٰبِ ٱلۡمُبِينِ (٢) نَتۡلُواْ عَلَيۡكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرۡعَوۡنَ بِٱلۡحَقِّ لِقَوۡمٍ۬ يُؤۡمِنُونَ (٣) إِنَّ فِرۡعَوۡنَ عَلَا فِى ٱلۡأَرۡضِ وَجَعَلَ أَهۡلَهَا شِيَعً۬ا يَسۡتَضۡعِفُ طَآٮِٕفَةً۬ مِّنۡہُمۡ يُذَبِّحُ أَبۡنَآءَهُمۡ وَيَسۡتَحۡىِۦ نِسَآءَهُمۡۚ إِنَّهُ ۥ كَانَ مِنَ ٱلۡمُفۡسِدِينَ (٤) وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ فِى ٱلۡأَرۡضِ وَنَجۡعَلَهُمۡ أَٮِٕمَّةً۬ وَنَجۡعَلَهُمُ ٱلۡوَٲرِثِينَ (٥) وَنُمَكِّنَ لَهُمۡ فِى ٱلۡأَرۡضِ وَنُرِىَ فِرۡعَوۡنَ وَهَـٰمَـٰنَ وَجُنُودَهُمَا مِنۡهُم مَّا ڪَانُواْ يَحۡذَرُونَ (٦) وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰٓ أُمِّ مُوسَىٰٓ أَنۡ أَرۡضِعِيهِۖ فَإِذَا خِفۡتِ عَلَيۡهِ فَأَلۡقِيهِ فِى ٱلۡيَمِّ وَلَا تَخَافِى وَلَا تَحۡزَنِىٓۖ إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيۡكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ (٧) فَٱلۡتَقَطَهُ ۥۤ ءَالُ فِرۡعَوۡنَ لِيَڪُونَ لَهُمۡ عَدُوًّ۬ا وَحَزَنًاۗ إِنَّ فِرۡعَوۡنَ وَهَـٰمَـٰنَ وَجُنُودَهُمَا ڪَانُواْ خَـٰطِـِٔينَ (٨) وَقَالَتِ ٱمۡرَأَتُ فِرۡعَوۡنَ قُرَّتُ عَيۡنٍ۬ لِّى وَلَكَۖ لَا تَقۡتُلُوهُ عَسَىٰٓ أَن يَنفَعَنَآ أَوۡ نَتَّخِذَهُ ۥ وَلَدً۬ا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ (٩) وَأَصۡبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَـٰرِغًاۖ إِن ڪَادَتۡ لَتُبۡدِى بِهِۦ لَوۡلَآ أَن رَّبَطۡنَا عَلَىٰ قَلۡبِهَا لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ (١٠) وَقَالَتۡ لِأُخۡتِهِۦ قُصِّيهِۖ فَبَصُرَتۡ بِهِۦ عَن جُنُبٍ۬ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ (١١) ۞ وَحَرَّمۡنَا عَلَيۡهِ ٱلۡمَرَاضِعَ مِن قَبۡلُ فَقَالَتۡ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰٓ أَهۡلِ بَيۡتٍ۬ يَكۡفُلُونَهُ ۥ لَڪُمۡ وَهُمۡ لَهُ ۥ نَـٰصِحُونَ (١٢) فَرَدَدۡنَـٰهُ إِلَىٰٓ أُمِّهِۦ كَىۡ تَقَرَّ عَيۡنُهَا وَلَا تَحۡزَنَ وَلِتَعۡلَمَ أَنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقٌّ۬ وَلَـٰكِنَّ أَڪۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ (١٣) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ ۥ وَٱسۡتَوَىٰٓ ءَاتَيۡنَـٰهُ حُكۡمً۬ا وَعِلۡمً۬اۚ وَكَذَٲلِكَ نَجۡزِى ٱلۡمُحۡسِنِينَ (١٤) وَدَخَلَ ٱلۡمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفۡلَةٍ۬ مِّنۡ أَهۡلِهَا فَوَجَدَ فِيہَا رَجُلَيۡنِ يَقۡتَتِلَانِ هَـٰذَا مِن شِيعَتِهِۦ وَهَـٰذَا مِنۡ عَدُوِّهِۦۖ فَٱسۡتَغَـٰثَهُ ٱلَّذِى مِن شِيعَتِهِۦ عَلَى ٱلَّذِى مِنۡ عَدُوِّهِۦ فَوَكَزَهُ ۥ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيۡهِۖ قَالَ هَـٰذَا مِنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَـٰنِۖ إِنَّهُ ۥ عَدُوٌّ۬ مُّضِلٌّ۬ مُّبِينٌ۬ (١٥)
(4) كانت أبشع جريمة فعلها فرعون والتى جعلته مثالاً للظلم والجبروت والطغيان كما وصفه القرآن الكريم هو أنه إستضعف طائفة من الناس (بنى إسرائيل) لأنهم كانوا أقل عدداً وعتاداً منه { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ }، وكما كانت جريمة الشيطان الأولى هى العنصرية {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ} كانت جريمة عدو الله فرعون هى إضطهاد وإستضعاف الأقليات وظلمهم و حرمانهم من حقوقهم، وكنتيجة لتعصب فرعون ضد أقلية كانت تعيش فى أرض مصر فقد لعنه الله فى الدنيا والآخرة {وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ} و توعده بأشد أنواع العذاب {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}.
فعلينا أن لا نستضعف أى إنسان أو أى أقلية تعيش معنا وإلا أصبحنا مثل الطاغية فرعون وإستوجبنا بذلك عقاب الله مثلما حدث معه،. ووصف القرآن عقاب الله لهذا الظالم هو ومن معه بقوله {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ( أى وهم فى قبورهم ) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (أى أعلى درجاته)}، فهل يريد أحدنا أن يظلم و يستضعف الآخرين فيُعاقب بمثل هذا العقاب؟
(5) {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} إن إرادة الله كما نرى فى الآية هى أن يمن على الذين إستضعفوا فى الأرض فمن أراد أن يكون من عباد الله الربانيين {وَلَٰكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} فعليه ان يٌحسن معاملة الأقليات والمستضعفين فى الأرض و يكون مصدر رعاية لهم .
(7-13) حين نتأمل هذه الآيات نتعجب من قدرة الله تعالى و هو يقول لأم موسى {فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ} إن المنطق الطبيعى أن الأم إن كانت خائفة على إبنها ألا تضعه فى صندوق و تلقيه فى مياه اليم، ولكن الله أرانا فى قصة موسى كيف أن قدرته فاقت كل شئ وأن وعده حادث لا محالة، فلا مياه ولا رياح ولا أمواج كانت تستطيع أن تُهلك هذا الطفل الرضيع موسى إن كان الله يريد أن يحميه فقد صنعه لنفسه فقال له {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي}.
و نتأمل فى قصة موسى قدرة الله تعالى فها نحن نرى كيف يربط الله على قلب أم موسى فى ناحية من نواحى اليم فيجعل أم موسى تلقى بإبنها الرضيع فى اليم, ثم كيف يزرع الحب والحنان فى قلب أمرأة فرعون لنفس الطفل فى الناحية الأخرى من اليم، ونرى كيف تحكم الله فى صندوق صغير و سط المياه والرياح والأمواج فلا ينقلب حتى يصل الى الغاية التى أرادها الله له، ونرى كيف أمر الله فم الطفل الرضيع وهو جائع فيرفض الرضاعة من جميع آل فرعون حتى يعيده مرة أخرى الى أمه لترضعه فيفى بوعده الإلهى لها {إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ} فنرى فى هذه القصة كيف يتحكم الإله الخالق فى القلوب وفى الرياح و الأمواج وفى أفواه الرُضّع فلا يقف أمامه شئ حتى يُتم ما أراد.
قَالَ رَبِّ إِنِّى ظَلَمۡتُ نَفۡسِى فَٱغۡفِرۡ لِى فَغَفَرَ لَهُ ۥۤۚ إِنَّهُ ۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ (١٦) قَالَ رَبِّ بِمَآ أَنۡعَمۡتَ عَلَىَّ فَلَنۡ أَكُونَ ظَهِيرً۬ا لِّلۡمُجۡرِمِينَ (١٧) فَأَصۡبَحَ فِى ٱلۡمَدِينَةِ خَآٮِٕفً۬ا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا ٱلَّذِى ٱسۡتَنصَرَهُ ۥ بِٱلۡأَمۡسِ يَسۡتَصۡرِخُهُ ۥۚ قَالَ لَهُ ۥ مُوسَىٰٓ إِنَّكَ لَغَوِىٌّ۬ مُّبِينٌ۬ (١٨) فَلَمَّآ أَنۡ أَرَادَ أَن يَبۡطِشَ بِٱلَّذِى هُوَ عَدُوٌّ۬ لَّهُمَا قَالَ يَـٰمُوسَىٰٓ أَتُرِيدُ أَن تَقۡتُلَنِى كَمَا قَتَلۡتَ نَفۡسَۢا بِٱلۡأَمۡسِۖ إِن تُرِيدُ إِلَّآ أَن تَكُونَ جَبَّارً۬ا فِى ٱلۡأَرۡضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلۡمُصۡلِحِينَ (١٩) وَجَآءَ رَجُلٌ۬ مِّنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِينَةِ يَسۡعَىٰ قَالَ يَـٰمُوسَىٰٓ إِنَّ ٱلۡمَلَأَ يَأۡتَمِرُونَ بِكَ لِيَقۡتُلُوكَ فَٱخۡرُجۡ إِنِّى لَكَ مِنَ ٱلنَّـٰصِحِينَ (٢٠) فَخَرَجَ مِنۡہَا خَآٮِٕفً۬ا يَتَرَقَّبُۖ قَالَ رَبِّ نَجِّنِى مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ (٢١) وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلۡقَآءَ مَدۡيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّىٓ أَن يَهۡدِيَنِى سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ (٢٢) وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدۡيَنَ وَجَدَ عَلَيۡهِ أُمَّةً۬ مِّنَ ٱلنَّاسِ يَسۡقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمۡرَأَتَيۡنِ تَذُودَانِۖ قَالَ مَا خَطۡبُكُمَاۖ قَالَتَا لَا نَسۡقِى حَتَّىٰ يُصۡدِرَ ٱلرِّعَآءُۖ وَأَبُونَا شَيۡخٌ۬ ڪَبِيرٌ۬ (٢٣)
(16) {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي}
– نتعلم من هذه الآية أنه حتى أنبياء الله يخطئون ويستغفرون ربهم {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي}
– فهم كلهم بشر{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ}،
– فها هو خليل الرحمن يقول {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ}
– وها هو نوح يقول{ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ}
– وها هو داود يستغفر ربه {وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ}
– وها هو يونس يقول و هو فى بطن الحوت { لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ }
– وجاء الأمر القرآنى لمحمد عليه السلام ليقول له { وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ } فالكل يخطئ ويحتاج مغفرة الله.
فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰٓ إِلَى ٱلظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّى لِمَآ أَنزَلۡتَ إِلَىَّ مِنۡ خَيۡرٍ۬ فَقِيرٌ۬ (٢٤) فَجَآءَتۡهُ إِحۡدَٮٰهُمَا تَمۡشِى عَلَى ٱسۡتِحۡيَآءٍ۬ قَالَتۡ إِنَّ أَبِى يَدۡعُوكَ لِيَجۡزِيَكَ أَجۡرَ مَا سَقَيۡتَ لَنَاۚ فَلَمَّا جَآءَهُ ۥ وَقَصَّ عَلَيۡهِ ٱلۡقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفۡۖ نَجَوۡتَ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ (٢٥) قَالَتۡ إِحۡدَٮٰهُمَا يَـٰٓأَبَتِ ٱسۡتَـٔۡجِرۡهُۖ إِنَّ خَيۡرَ مَنِ ٱسۡتَـٔۡجَرۡتَ ٱلۡقَوِىُّ ٱلۡأَمِينُ (٢٦) قَالَ إِنِّىٓ أُرِيدُ أَنۡ أُنكِحَكَ إِحۡدَى ٱبۡنَتَىَّ هَـٰتَيۡنِ عَلَىٰٓ أَن تَأۡجُرَنِى ثَمَـٰنِىَ حِجَجٍ۬ۖ فَإِنۡ أَتۡمَمۡتَ عَشۡرً۬ا فَمِنۡ عِندِكَۖ وَمَآ أُرِيدُ أَنۡ أَشُقَّ عَلَيۡكَۚ سَتَجِدُنِىٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ (٢٧) قَالَ ذَٲلِكَ بَيۡنِى وَبَيۡنَكَۖ أَيَّمَا ٱلۡأَجَلَيۡنِ قَضَيۡتُ فَلَا عُدۡوَٲنَ عَلَىَّۖ وَٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَڪِيلٌ۬ (٢٨) ۞ فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلۡأَجَلَ وَسَارَ بِأَهۡلِهِۦۤ ءَانَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَارً۬ا قَالَ لِأَهۡلِهِ ٱمۡكُثُوٓاْ إِنِّىٓ ءَانَسۡتُ نَارً۬ا لَّعَلِّىٓ ءَاتِيكُم مِّنۡهَا بِخَبَرٍ أَوۡ جَذۡوَةٍ۬ مِّنَ ٱلنَّارِ لَعَلَّكُمۡ تَصۡطَلُونَ (٢٩) فَلَمَّآ أَتَٮٰهَا نُودِىَ مِن شَـٰطِىِٕ ٱلۡوَادِ ٱلۡأَيۡمَنِ فِى ٱلۡبُقۡعَةِ ٱلۡمُبَـٰرَڪَةِ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ أَن يَـٰمُوسَىٰٓ إِنِّىٓ أَنَا ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِينَ (٣٠) وَأَنۡ أَلۡقِ عَصَاكَۖ فَلَمَّا رَءَاهَا تَہۡتَزُّ كَأَنَّہَا جَآنٌّ۬ وَلَّىٰ مُدۡبِرً۬ا وَلَمۡ يُعَقِّبۡۚ يَـٰمُوسَىٰٓ أَقۡبِلۡ وَلَا تَخَفۡۖ إِنَّكَ مِنَ ٱلۡأَمِنِينَ (٣١) ٱسۡلُكۡ يَدَكَ فِى جَيۡبِكَ تَخۡرُجۡ بَيۡضَآءَ مِنۡ غَيۡرِ سُوٓءٍ۬ وَٱضۡمُمۡ إِلَيۡكَ جَنَاحَكَ مِنَ ٱلرَّهۡبِۖ فَذَٲنِكَ بُرۡهَـٰنَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِۦۤۚ إِنَّهُمۡ ڪَانُواْ قَوۡمً۬ا فَـٰسِقِينَ (٣٢) قَالَ رَبِّ إِنِّى قَتَلۡتُ مِنۡهُمۡ نَفۡسً۬ا فَأَخَافُ أَن يَقۡتُلُونِ (٣٣) وَأَخِى هَـٰرُونُ هُوَ أَفۡصَحُ مِنِّى لِسَانً۬ا فَأَرۡسِلۡهُ مَعِىَ رِدۡءً۬ا يُصَدِّقُنِىٓۖ إِنِّىٓ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ (٣٤) قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجۡعَلُ لَكُمَا سُلۡطَـٰنً۬ا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيۡكُمَاۚ بِـَٔايَـٰتِنَآ أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلۡغَـٰلِبُونَ (٣٥) فَلَمَّا جَآءَهُم مُّوسَىٰ بِـَٔايَـٰتِنَا بَيِّنَـٰتٍ۬ قَالُواْ مَا هَـٰذَآ إِلَّا سِحۡرٌ۬ مُّفۡتَرً۬ى وَمَا سَمِعۡنَا بِهَـٰذَا فِىٓ ءَابَآٮِٕنَا ٱلۡأَوَّلِينَ (٣٦) وَقَالَ مُوسَىٰ رَبِّىٓ أَعۡلَمُ بِمَن جَآءَ بِٱلۡهُدَىٰ مِنۡ عِندِهِۦ وَمَن تَكُونُ لَهُ ۥ عَـٰقِبَةُ ٱلدَّارِۖ إِنَّهُ ۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ (٣٧) وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمَلَأُ مَا عَلِمۡتُ لَڪُم مِّنۡ إِلَـٰهٍ غَيۡرِى فَأَوۡقِدۡ لِى يَـٰهَـٰمَـٰنُ عَلَى ٱلطِّينِ فَٱجۡعَل لِّى صَرۡحً۬ا لَّعَلِّىٓ أَطَّلِعُ إِلَىٰٓ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّى لَأَظُنُّهُ ۥ مِنَ ٱلۡكَـٰذِبِينَ (٣٨) وَٱسۡتَكۡبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ ۥ فِى ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُمۡ إِلَيۡنَا لَا يُرۡجَعُونَ (٣٩) فَأَخَذۡنَـٰهُ وَجُنُودَهُ ۥ فَنَبَذۡنَـٰهُمۡ فِى ٱلۡيَمِّۖ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ ڪَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلظَّـٰلِمِينَ (٤٠)
(24-25) تدل هذه الآيات على أن التعامل بين النساء والرجال ليس بخطيئة كما يظن البعض فهنا على سبيل المثال نرى واحداً من أولى العزم من الرسل أى موسى عليه السلام يتكلم مع فتاتين ويتعامل معهما وهاتان الفتاتان كانتا إبنتى أحد الأنبياء (نبى الله شعيب عليه السلام)، فما بالنا نرى التنطع والتشدد فى منع المعاملات والإختلاط بين النساء والرجال فى حين أن القرآن الكريم لا يحرمه بل على العكس من ذلك تماماً فإن الإختلاط بين النساء والرجال أثناء الحج والعمرة شئ معروف منذ عهد النبى عليه الصلاة و السلام ولم يعترض عليه أحد، وعلينا أن نعرف أن تحريم شئ (مثل تحريم الإختلاط بين الرجال و النساء) لم يحرمه الله تعالى هو من أكبر الذنوب فقال تعالى: { وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ }.
(30){فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ} يا لها من لحظة تاريخية مهيبة لم تشهد البشرية مثلها من قبل وهى لحظة تجلى رب المشارق والمغارب لنبيه وكليمه موسى، و الوادى {الْأَيْمَنِ} فى الأية لا تعنى اليمين والشمال فالوادى ليس له يمين أو شمال و إنما هى أفعل التفضيل من “اليمن” أى (البركة) بمعنى ناحية الوادى الأكثر يمناً وبركة.
(34) {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا} قيل أن إختيار الله لموسى بدلاً من هارون ليكلم فرعون فى حين كان هارون أفصح لساناً من موسى كان لكى يبرهن الله لموسى وبنى إسرائيل وكل المؤمنين حتى عصرنا هذا أن نجاح موسى فى قصة فرعون و خروجه ببنى إسرائيل الى الأرض المباركة لم يكن نتيجة لطلاقة لسانه أوفصاحته فى الحديث أولقدراته الشخصية إنما كان فقط بقدرة الله وحده فينسب الفضل الى الله الواحد وليس الى موسى، ويؤكد هذا المعنى الآية التالية التى ترينا أن القوة الحقيقة التى جعلت موسى ينتصر على فرعون لم تكن قوته بل كانت بقوة آيات الله التى أُيد بها { بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (أى ليس بقوتك بل بقوتى أنا الله يا موسى)}.
وَجَعَلۡنَـٰهُمۡ أَٮِٕمَّةً۬ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلنَّارِۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَـٰمَةِ لَا يُنصَرُونَ (٤١) وَأَتۡبَعۡنَـٰهُمۡ فِى هَـٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا لَعۡنَةً۬ۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَـٰمَةِ هُم مِّنَ ٱلۡمَقۡبُوحِينَ (٤٢) وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡڪِتَـٰبَ مِنۢ بَعۡدِ مَآ أَهۡلَكۡنَا ٱلۡقُرُونَ ٱلۡأُولَىٰ بَصَآٮِٕرَ لِلنَّاسِ وَهُدً۬ى وَرَحۡمَةً۬ لَّعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ (٤٣) وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلۡغَرۡبِىِّ إِذۡ قَضَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلۡأَمۡرَ وَمَا كُنتَ مِنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ (٤٤) وَلَـٰكِنَّآ أَنشَأۡنَا قُرُونً۬ا فَتَطَاوَلَ عَلَيۡہِمُ ٱلۡعُمُرُۚ وَمَا ڪُنتَ ثَاوِيً۬ا فِىٓ أَهۡلِ مَدۡيَنَ تَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَـٰتِنَا وَلَـٰكِنَّا ڪُنَّا مُرۡسِلِينَ (٤٥) وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ إِذۡ نَادَيۡنَا وَلَـٰكِن رَّحۡمَةً۬ مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوۡمً۬ا مَّآ أَتَٮٰهُم مِّن نَّذِيرٍ۬ مِّن قَبۡلِكَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَڪَّرُونَ (٤٦) وَلَوۡلَآ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ فَيَقُولُواْ رَبَّنَا لَوۡلَآ أَرۡسَلۡتَ إِلَيۡنَا رَسُولاً۬ فَنَتَّبِعَ ءَايَـٰتِكَ وَنَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ (٤٧) فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلۡحَقُّ مِنۡ عِندِنَا قَالُواْ لَوۡلَآ أُوتِىَ مِثۡلَ مَآ أُوتِىَ مُوسَىٰٓۚ أَوَلَمۡ يَڪۡفُرُواْ بِمَآ أُوتِىَ مُوسَىٰ مِن قَبۡلُۖ قَالُواْ سِحۡرَانِ تَظَـٰهَرَا وَقَالُوٓاْ إِنَّا بِكُلٍّ۬ كَـٰفِرُونَ (٤٨) قُلۡ فَأۡتُواْ بِكِتَـٰبٍ۬ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ هُوَ أَهۡدَىٰ مِنۡہُمَآ أَتَّبِعۡهُ إِن ڪُنتُمۡ صَـٰدِقِينَ (٤٩) فَإِن لَّمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهۡوَآءَهُمۡۚ وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَٮٰهُ بِغَيۡرِ هُدً۬ى مِّنَ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَہۡدِى ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ (٥٠) ۞ وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ (٥١) ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَـٰهُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ مِن قَبۡلِهِۦ هُم بِهِۦ يُؤۡمِنُونَ (٥٢)
(41-42) لنتذكر دائماً أن أكبر خطيئة فعلها فرعون واستوجب بها هذه النهاية الأليمة وهذه اللعنات كما ذكر فى الآيات كانت لإضطهاده لأقلية تعيش معه لإختلافهم عنه فى العقيدة والدين فأهلكه الله بذلك الذنب العظيم وأوفى بوعده لبنى إسرائيل {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ}. ونلاحظ كيف وصف الله قوم فرعون الذين ظلموا و إستضعفوا بنى إسرائيل بقوله {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} وعلى النقيض من ذلك وصف بنى أسرائيل بقوله {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}، فنرى فى السورة كيف تحقق الوعد الإلهى الذى قطعه الله على نفسه فى بدايتها {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}.
(49) أى قل يا محمد لكفار مكة و أسألهم أن يأتوا بكتاب أكثر هدى من التوراة والقرآن كى يتبعه، فكلا الكتابان و صفه القرآن بأنه نور فقال عن التوراة {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ} و قال عن القرآن {وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا}.
(50) {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} يكرر القرآن مرة بعد أخرى بشاعة جريمة الظلم عند الله تعالى فعلينا الحذر من أن نظلم أى إنسان أو أى مخلوق {وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا}.
وَإِذَا يُتۡلَىٰ عَلَيۡہِمۡ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا بِهِۦۤ إِنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّنَآ إِنَّا كُنَّا مِن قَبۡلِهِۦ مُسۡلِمِينَ (٥٣)
(53) {إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ} تؤكد هذه الآية أن الإسلام كمفهوم هو تفعيل السلام فى الأرض (أى التعايش فى سلام مع الآخرين) هو مفهوم الرسل و الأنبياء والصالحين قبل نزول القرآن، فالمسلم هو من سلم الناس من يده و لسانه سواء أتبع التوراة أوالأنجيل أوالقرآن فعلينا أن نفرق بين كلمة الإسلام كمفهوم و بين الديانة الإسلامية بأركانها المعروفة، فإبراهيم وصف بأنه مسلم وموسى بأنه مسلم والحواريون وصفوا أنهم مسلمون لأنهم كانوا دعاة سلام يريدون نشر السلام والمحبة بدلاً من العنف والكراهية وذلك لاعلاقة له بأداء أركان الديانة الإسلامية المعروفة لدينا، (ولمراجعة المزيد فى مفهوم كلمة الإسلام أنظر التعليق على الآية 84 سورة يونس ).
أُوْلَـٰٓٮِٕكَ يُؤۡتَوۡنَ أَجۡرَهُم مَّرَّتَيۡنِ بِمَا صَبَرُواْ وَيَدۡرَءُونَ بِٱلۡحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ يُنفِقُونَ (٥٤)
(54) {وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} تلك الصفة الرائعة بأن نرد على السيئة بالحسنة هى واحدة من أعلى درجات الإيمان، ونرى كيف تجلى هذا المفهوم فى موقف الرسول من أهل مكة بعد أن عذبوه هو ومن معه وإعتدوا عليهم وقاتلوهم و أخرجوهم من ديارهم، فبعد أن أصبح فى وضع أقوى منهم حينما عاد الى مكة وكان يستطيع الإنتقام منهم بسبب ما فعلوه معه فاجاء الجميع فى لحظة تاريخية فارقة فقال لمن إضطهدوه ” إذهبوا فأنتم الطلقاء “، فأرآنا عليه السلام مثلاً عملياً فى تنفيذ آيات العفو و التسامح مثل {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ} و{فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ} و{فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ}.
وَإِذَا سَمِعُواْ ٱللَّغۡوَ أَعۡرَضُواْ عَنۡهُ وَقَالُواْ لَنَآ أَعۡمَـٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَـٰلُكُمۡ سَلَـٰمٌ عَلَيۡكُمۡ لَا نَبۡتَغِى ٱلۡجَـٰهِلِينَ (٥٥) إِنَّكَ لَا تَہۡدِى مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَہۡدِى مَن يَشَآءُۚ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ (٥٦) وَقَالُوٓاْ إِن نَّتَّبِعِ ٱلۡهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفۡ مِنۡ أَرۡضِنَآۚ أَوَلَمۡ نُمَكِّن لَّهُمۡ حَرَمًا ءَامِنً۬ا يُجۡبَىٰٓ إِلَيۡهِ ثَمَرَٲتُ كُلِّ شَىۡءٍ۬ رِّزۡقً۬ا مِّن لَّدُنَّا وَلَـٰكِنَّ أَڪۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ (٥٧) وَكَمۡ أَهۡلَڪۡنَا مِن قَرۡيَةِۭ بَطِرَتۡ مَعِيشَتَهَاۖ فَتِلۡكَ مَسَـٰكِنُهُمۡ لَمۡ تُسۡكَن مِّنۢ بَعۡدِهِمۡ إِلَّا قَلِيلاً۬ۖ وَڪُنَّا نَحۡنُ ٱلۡوَٲرِثِينَ (٥٨) وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبۡعَثَ فِىٓ أُمِّهَا رَسُولاً۬ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَـٰتِنَاۚ وَمَا ڪُنَّا مُهۡلِكِى ٱلۡقُرَىٰٓ إِلَّا وَأَهۡلُهَا ظَـٰلِمُونَ (٥٩) وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَىۡءٍ۬ فَمَتَـٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتُهَاۚ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيۡرٌ۬ وَأَبۡقَىٰٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ (٦٠) أَفَمَن وَعَدۡنَـٰهُ وَعۡدًا حَسَنً۬ا فَهُوَ لَـٰقِيهِ كَمَن مَّتَّعۡنَـٰهُ مَتَـٰعَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا ثُمَّ هُوَ يَوۡمَ ٱلۡقِيَـٰمَةِ مِنَ ٱلۡمُحۡضَرِينَ (٦١) وَيَوۡمَ يُنَادِيهِمۡ فَيَقُولُ أَيۡنَ شُرَكَآءِىَ ٱلَّذِينَ كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ (٦٢) قَالَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيۡہِمُ ٱلۡقَوۡلُ رَبَّنَا هَـٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ أَغۡوَيۡنَآ أَغۡوَيۡنَـٰهُمۡ كَمَا غَوَيۡنَاۖ تَبَرَّأۡنَآ إِلَيۡكَۖ مَا كَانُوٓاْ إِيَّانَا يَعۡبُدُونَ (٦٣) وَقِيلَ ٱدۡعُواْ شُرَكَآءَكُمۡ فَدَعَوۡهُمۡ فَلَمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَهُمۡ وَرَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَۚ لَوۡ أَنَّهُمۡ كَانُواْ يَہۡتَدُونَ (٦٤) وَيَوۡمَ يُنَادِيہِمۡ فَيَقُولُ مَاذَآ أَجَبۡتُمُ ٱلۡمُرۡسَلِينَ (٦٥) فَعَمِيَتۡ عَلَيۡہِمُ ٱلۡأَنۢبَآءُ يَوۡمَٮِٕذٍ۬ فَهُمۡ لَا يَتَسَآءَلُونَ (٦٦) فَأَمَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَـٰلِحً۬ا فَعَسَىٰٓ أَن يَكُونَ مِنَ ٱلۡمُفۡلِحِينَ (٦٧)
(55) اللغو مثل الشتائم و السخرية من الآخرين و الكلمات التى تدعو الى كراهية الآخر وكل ذلك من اللغو الذى ينبغى على الإنسان أن يبتعد عنه.
(58-59) {وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَىٰ إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} توضح لنا هذه الآية أن الله تعالى لم يهلك الأمم السابقة بسبب أفكارهم أو عقيدتهم وإنما كان لأجل ظلمهم، فتهديد الرسل بإستخدام العنف معهم كالحرق والرجم والقتل هو ظلم، وإضطهاد الأقليات وإستضعافهم بسبب عقيدتهم كما رأينا فى قصة فرعون هو ظلم، والإهتمام بالطقوس ونسيان المسكين واليتيم و الأرملة هو ظلم و يروى عن أحد أنبياء بنى إسرائيل يسمى ” أشعياء ” إنه كان يعاتب الناس من حوله عى أداء الطقوس الدينية وعدم الإكتراث باليتيم والأرملة وعلمهم أن الطقوس لن تقبل قبل أن يرعوا هؤلاء فالله كما ذكر يسمع صراخ هؤلاء الضعفاء .
(65) {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} يكلم الله تعالى هنا البشر {يُنَادِيهِمْ} وكأنه أرسل إليهم رسالة واحدة على لسان المرسلين، وقد أوضح القرآن لنا أن لله رسالة واحدة {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} وأنهم جاءوا بكتاب واحد {وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ} – ولم يقل الكتب -. وقد جاءت هذه الرسالة الإلهية والكتاب الربانى فى صور شرائع لغات مختلفة لتناسب الأمة والعصر الذى نزلت فيه، ولأجل أن الرسالة واحدة للجميع وهى أن نؤمن بالله واليوم الآخر ونعمل الخيرات كالعطف على الضعيف ورعاية اليتيم والارملة و إغاثة الملهوف – يسأل الله الرسل جميعهم نفس السؤال ماذا أجبتم لأنهم يحملون نفس الرسالة للبشرية جمعاء و التى تتجلى فى هذه الآية الكريمة و التى توضح أسس و مبادئ تقبل الله للأنسان { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُم يَحْزَنُونَ}.
وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخۡتَارُۗ مَا ڪَانَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُۚ سُبۡحَـٰنَ ٱللَّهِ وَتَعَـٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِڪُونَ (٦٨) وَرَبُّكَ يَعۡلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمۡ وَمَا يُعۡلِنُونَ (٦٩) وَهُوَ ٱللَّهُ لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَۖ لَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِى ٱلۡأُولَىٰ وَٱلۡأَخِرَةِۖ وَلَهُ ٱلۡحُكۡمُ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ (٧٠) قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡڪُمُ ٱلَّيۡلَ سَرۡمَدًا إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَـٰمَةِ مَنۡ إِلَـٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَأۡتِيڪُم بِضِيَآءٍۖ أَفَلَا تَسۡمَعُونَ (٧١)
(68) {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} يرى البعض أن هذه الآية تتوافق مع أحد مبادئ نظرية النشوء والإرتقاء فتبعاً لهذه الآية يخلق الله المخلوقات ثم يختار لمن يكون البقاء بناء على معطيات خلقها فيها (أى البقاء للأصلح) ومن الأشياء التى لا يعلمها البعض أن تلك النظرية لم تنف وجود خالق كما يظن الكثيرون ولم تتكلم عن منشأ الحياة نفسه وإنما تكلمت عن بعض النظريات التى تفسر مرحلة ما بعد الخلق وهى كأى نظرية أخرى فيها أشياء قد تكون صحيحة وآخرى خاطئة وبعض رجال الدين الأفاضل مثل الشيخ محمد عبده رأى أن بعض أفكار هذه النظرية مثل تطور المخلوقات قد لا تختلف فى مفهومها مع روح القرآن و الذى قال {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا}.
قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡڪُمُ ٱلنَّہَارَ سَرۡمَدًا إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَـٰمَةِ مَنۡ إِلَـٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَأۡتِيڪُم بِلَيۡلٍ۬ تَسۡكُنُونَ فِيهِۖ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ (٧٢) وَمِن رَّحۡمَتِهِۦ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ (٧٣) وَيَوۡمَ يُنَادِيهِمۡ فَيَقُولُ أَيۡنَ شُرَڪَآءِىَ ٱلَّذِينَ كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ (٧٤) وَنَزَعۡنَا مِن ڪُلِّ أُمَّةٍ۬ شَهِيدً۬ا فَقُلۡنَا هَاتُواْ بُرۡهَـٰنَكُمۡ فَعَلِمُوٓاْ أَنَّ ٱلۡحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنۡہُم مَّا ڪَانُواْ يَفۡتَرُونَ (٧٥) ۞ إِنَّ قَـٰرُونَ ڪَانَ مِن قَوۡمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيۡهِمۡۖ وَءَاتَيۡنَـٰهُ مِنَ ٱلۡكُنُوزِ مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُ ۥ لَتَنُوٓأُ بِٱلۡعُصۡبَةِ أُوْلِى ٱلۡقُوَّةِ إِذۡ قَالَ لَهُ ۥ قَوۡمُهُ ۥ لَا تَفۡرَحۡۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡفَرِحِينَ (٧٦) وَٱبۡتَغِ فِيمَآ ءَاتَٮٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلۡأَخِرَةَۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنۡيَاۖ وَأَحۡسِن ڪَمَآ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ وَلَا تَبۡغِ ٱلۡفَسَادَ فِى ٱلۡأَرۡضِۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِينَ (٧٧) قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ ۥ عَلَىٰ عِلۡمٍ عِندِىٓۚ أَوَلَمۡ يَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ قَدۡ أَهۡلَكَ مِن قَبۡلِهِۦ مِنَ ٱلۡقُرُونِ مَنۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُ قُوَّةً۬ وَأَڪۡثَرُ جَمۡعً۬اۚ وَلَا يُسۡـَٔلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ (٧٨) فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦ فِى زِينَتِهِۦۖ قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا يَـٰلَيۡتَ لَنَا مِثۡلَ مَآ أُوتِىَ قَـٰرُونُ إِنَّهُ ۥ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ۬ (٧٩) وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ وَيۡلَڪُمۡ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيۡرٌ۬ لِّمَنۡ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَـٰلِحً۬ا وَلَا يُلَقَّٮٰهَآ إِلَّا ٱلصَّـٰبِرُونَ (٨٠) فَخَسَفۡنَا بِهِۦ وَبِدَارِهِ ٱلۡأَرۡضَ فَمَا ڪَانَ لَهُ ۥ مِن فِئَةٍ۬ يَنصُرُونَهُ ۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُنتَصِرِينَ (٨١) وَأَصۡبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوۡاْ مَكَانَهُ ۥ بِٱلۡأَمۡسِ يَقُولُونَ وَيۡكَأَنَّ ٱللَّهَ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ وَيَقۡدِرُۖ لَوۡلَآ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡنَا لَخَسَفَ بِنَاۖ وَيۡكَأَنَّهُ ۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡكَـٰفِرُونَ (٨٢) تِلۡكَ ٱلدَّارُ ٱلۡأَخِرَةُ نَجۡعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّ۬ا فِى ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فَسَادً۬اۚ وَٱلۡعَـٰقِبَةُ لِلۡمُتَّقِينَ (٨٣) مَن جَآءَ بِٱلۡحَسَنَةِ فَلَهُ ۥ خَيۡرٌ۬ مِّنۡہَاۖ وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلَا يُجۡزَى ٱلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسَّيِّـَٔاتِ إِلَّا مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ (٨٤) إِنَّ ٱلَّذِى فَرَضَ عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ۬ۚ قُل رَّبِّىٓ أَعۡلَمُ مَن جَآءَ بِٱلۡهُدَىٰ وَمَنۡ هُوَ فِى ضَلَـٰلٍ۬ مُّبِينٍ۬ (٨٥) وَمَا كُنتَ تَرۡجُوٓاْ أَن يُلۡقَىٰٓ إِلَيۡكَ ٱلۡڪِتَـٰبُ إِلَّا رَحۡمَةً۬ مِّن رَّبِّكَۖ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرً۬ا لِّلۡكَـٰفِرِينَ (٨٦)
(70) {وَلَهُ الْحُكْمُ} يستخدم القرآن القصر والإستثناء فيقدم كلمة ” له ” على كلمة ” الحكم ” ليؤكد أنه وحده ولا أحد سواه له الحق أن يحكم على الآخرين او يحاسبهم فحتى الرسول عليه السلام لم يكن له الحق فى أن يتدخل فى حساب البشر فقال له الله تعالى بوضوح {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ}، فقد نصدر نحن البشر أحكاماً على غيرنا فننعتهم بالضلال و الكفر وغيرها من الصفات الذميمة ثم يوم الحساب نعرف أنهم كانوا فى ظروف معينة دفعتهم لعمل بعض الأخطاء والله وحده هو من كان يعرف تلك الظروف ولذلك هو أيضاً وحده صاحب الحق فى الحكم عليهم ومحاسبتهم، فمن حقنا أن نحكم على فعل ما أنه خطأ و ليس من حقنا أن نحكم كيف سيحاسب الله فاعله فإن شاء غفر له فهو غافر الذنب وقابل التوب وهو الذى كتب على نفسه الرحمة و هو – و ليس نحن – الذى يعلم من خلق {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}.
(75) {فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} تعلمنا هذه الآية أهمية المنطق والحجة والبرهان فها هو الله تعالى يطلب من البشر الذين عبدوا إلهاً آخر أن يأتوا بالبرهان الذى يبرر ما فعلوا وهو القادر أن يعاقبهم دون أن يدخل فى أى حوار معهم، و نرى نور القرآن أيضا ينطق حقاً وصدقاً فى قوله تعالى {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ}، ولنا فى ذلك عبرة ألا نحكم على أحد دون أن نستمع لحجته وبرهانه.
(78) {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ} يحذرنا الله تعالى فى قصة قارون من الغرور فكل نعمة لدينا أوعلم عندنا فهو من الله و إليه، وعلينا أن نتواضع لله دائماً ونعرف أن أى علم لدينا أوقوة أومال هو منحة وهبها الله لنا ومسئولية على أكتافنا ليختبرنا ماذا سنفعل بها {لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ}
(83) {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا} فالمؤمنون الحقيقيون لا يريدون علواً فى الأرض ولا يريدون أن يسيطروا على الآخرين فهم متواضعون يمشون على الأرض هوناً وليسوا دعاة حرب ولا يروعوا الآمنين ويحترمون غيرهم من البشر حتى و لوكانوا مختلفين عنهم وهؤلاء الذين يرثون الدار الآخرة.
(84) {مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا ۖ وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} يا له من عدل ويالها من رحمة فالرد على الحسنة عند الله فهو {بِخَيْرٍ مِّنْهَا} و الرد على السيئة هو أن يجازى الإنسان بها فقط أو أن يغفر الله له، وليس ذلك بمستغرب على الله فهو القائل {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}، وعباده هم الذين أحبوه و قدسوا اسمه و جعلوا ذكره و ليس ذكر سواه فى قلوبهم فى كل وقت وفى كل حين، وهم الذين إقتربوا من الله فى كل وقت وكل عصر فعرفوا الإله الحقيقى وكانت أعمالهم الحسنة المملوءة حباً و رحمة ورقة و عطفاً هى أكبر برهان ودليل على أنهم “عارفون بالله “.
(85) {مَعَادٍ} قيل أنها مكة و قيل أنه يوم القيامة ( يقال بينى وبينك المعاد أى يوم القيامة لأن الناس يعودون فيه أحياء) و قيل هو الجنة والله أعلم بتأويله {يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ}.
(86) أى لا تساعد كفار مكة فى أفعالهم الظالمة
وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنۡ ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ بَعۡدَ إِذۡ أُنزِلَتۡ إِلَيۡكَۖ وَٱدۡعُ إِلَىٰ رَبِّكَۖ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُشۡرِڪِينَ (٨٧) وَلَا تَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ءَاخَرَۘ لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَۚ كُلُّ شَىۡءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجۡهَهُ ۥۚ لَهُ ٱلۡحُكۡمُ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ (٨٨)
(87) {وَادْعُ إِلَىٰ رَبِّك} السبيل الوحيد المقبول عند الله تعالى للدعوة إليه هو كما قال هو الحكمة و الموعظة الحسنة {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَة} فإستخدام العنف والغلظة أو إكراه الناس ليس فقط مخالفاً لتعاليم القرآن إنما هو جريمة لتشويه معانى الكتاب الكريم والدين كله.