آراء حرة

ماذا لو كان البخاري كاذبا؟

جال هذا السؤال بخاطري وأنا أرتشف قدحا من القهوة الساخنة بالأمس. وسبب هذا السؤال ببساطة هو أن كثيرين من المسلمين يخافون رفض كلام البخاري خشية أن يكون ذلك عصيانا أو عدم طاعة للرسول، كما قال القرآن “وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول”.

والعجيب في أمر هؤلاء أنهم يخافون بشدة من عدم اتباع البخاري بالرغم من عدم ذكره ولو لمرة واحدة في القرآن الكريم. وفي نفس الوقت، فإن نفس الأشخاص لا يخافون من التقوّل على الله كذبا لو كان البخاري من الكاذبين!

ومن الجدير بالذكر في هذا السياق أن الافتراء على الله كذباُ هو أحد أكبر الجرائم المذكورة في القرآن الكريم “وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱافْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا” (سورة الأنعام آية 21). فتبعا لهذه الآية القرآنية فلا يوجد أكثر ظلما من الكذب على الله والافتراء عليه.

ويذهب عقلي للحظات إلى يوم القيامة، فأتصور فيه موقف الملايين ممن كذبوا على الله فاتبعوا البخاري دون آية واحدة أو حديث متواتر واحد يتنبأ به ويأمرهم باتباعه وتصديقه.

ففي هذه اللحظات قد تسْود (أي تصبح سوداء) وجوهَهم كما ذكر القرآن الكريم “وَيَوْمَ اٱلْقِيَٰمَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ” (سورة الزمر آية 60).

وقد ينادي المنادي عليهم، كما قال ربي، “وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ” (سورة ق آية 41) فيقول لهم “ومن أمركم بتصديق البخاري!!!”.

فيرد عليه كثيرون، ويقولون “لقد اتبعناه لأن القرآن أمرنا باتباع الرسول”، فيأتيهم الرد الصاعق ليقول لهم “وهل البخاري هو الرسول؟”.

وقد يرد عليه البعض بأن يقولوا أنهم اتبعوا أغلبية الناس وإجماع الأمة، فيأتيهم رد إلهي، يقول ألم أقل لكم في القرآن “وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي ٱلْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّه”.

وقد يقول آخرون لقد صدقناه لأننا اتبعنا ما وجدنا عليه آباءَنا، فيذكرهم المنادي بقول الله في عتاب الأمم السابقة بسبب اتباعهم الأعمى للسلف “بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَآ ۗ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئا وَلَا يَهْتَدُونَ”، (سورة البقرة آية 170).

وكل هذا أمر هيِّن بالمقارنة مع عرض لحظات رجم إنسانة حتى الموت بسبب أحاديث البخاري، وصراخها والحجارة تكسّر عظامها بلا رحمة، فيصرخ فيهم المنادي ليقول “وإذا المرجومة سؤلت بأي آية قتلت؟”.

فلا ينطق أحد ببنت شفة، لأنه لا توجد آية واحدة تأمر بالرجم وهنا تخشع أصوات من اتبع البخاري وتصمت للأبد “وَخَشَعَتِ ٱلْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَٰنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا”.

وأرى ذعر هؤلاء الذين افتروا على الله ورسوله كذبا حينما يتذكرون آيات القرآن التي تحذرهم من الافتراء على الله كذبا مثل “وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ” (سورة الأنعام آية 93).

وللأسف الشديد فإن من يتبعون صحيح البخاري – وهو كتاب، كما ذكرنا، ما أنزل الله به من سلطان، ولم يذكره الرسول ولو لمرةٍ واحدة – يخافون من أن عدم اتباع البخاري هو عدم طاعة للرسول ولايخافون أنهم إن اتبعوه وهو كاذب فإن مثواهم سيكون جهنم خالدين فيها أبدا لأنهم افتروا على الله كذبا.

وباختصار شديد، إن كان البخاري صادقا، فإن لمن رفضوه أو أنكروه حجة وبرهانا، فيستطيعون أن يقولو لله يوم القيامة أنه لا يوجد آية واحدة تنص على تصديق البخاري أو اتباعه. ولكن لو حدث العكس – أي أنه كان كاذباً – فلا حجة لمن اتبعوه أمام الله عز وجل، خاصة بعد أن قال الله بوضوح عن القرآن “ما فرطنا في الكتاب من شيء”، و قال “ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء” وقال”أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم”.

فعلى هؤلاء الذين يتبعون آباءهم اتباعا أعمى، ويتبعون كتابا ما أنزل الله به من سلطان، أن يفكروا في احتمالية ماذا سيكون موقفهم يوم القيامة لو كان البخاري كاذبا!

أضف تعليق
بقلم د. توفيق حميد

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: