من المسؤل عن إهانة الرسول؟


تصدر وسم (هاشتاغ) “#إلا_رسول_الله_يا_مودي” منصات التواصل الاجتماعي في العديد من الدول العربية والإسلامية في الآونة الأخيرة. وكان ذلك احتجاجًا على تغريدات من شخصيات سياسية هندية بحق النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وسط دعوات لمقاطعة الهند.
وبدأت الأزمة قبل أيام بتغريدة نشرها المتحدث باسم الحزب الحاكم في الهند نافين جيندال على حسابه الرسمي على تويتر، تساءل فيها جيندال عن سبب زواج النبي محمد من السيدة عائشة، وهي لم تبلغ حينها عشر سنوات!
وعبّر ناشطون عن غضبهم إزاء هذه التغريدة قائلين إنها تأتي امتدادًا لسياسة رئيس الوزراء ناريندرا مودي العنصرية ضد المسلمين. وانتشرت هاشتاغات أخرى مثل #فداك_أبي_وأمي_يا_رسول_الله. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل وصل إلى تنديدات رسمية من منظمة التعاون الإسلامي ومن الأزهر. وتم استدعاء سفراء الهند في العديد من الدول الإسلامية اعتراضاً على هذا السؤال!
وهذا السياق ورد الفعل، الذي وصل في لحظات إلى درجة العنف يطرح عدة نقاط علينا أن نقف أمامها بتعمق وكل أمانة.
وأولى هذه النقاط هي: إن كان زواج الرسول وهو في الثانية والخمسين من عمره بطفلة عندها 6 سنوات ثم الدخول بها وهي في عمر التاسعة شيئاً مسيئاً للرسول إلى هذه الدرجة وهذا الحد فلما ياترى لا يصب المسلمون جمام غضبهم على البخاري وهو الذي ذكر لنا هذه القصة في ما يسمى بصحيح البخاري؟ فهل، حينما يذكر البخاري زواج الرسول من طفلة صغيرة ومعاشرتها جنسياً وهي في سن التاسعة يصبح شيئاً جميلاً ندافع عنه بكل قوة لأنه مكتوب في “البخاري” ولكن حينما يذكر نفس الشيء سياسي هندي نعتبره قمة الإهانة للرسول؟ فإن كان ذكر هذه القصة إهانة للرسول الكريم فإن صحيح البخاري هو أول من أهانه بذكر هذه القصة الموضوعة والتي لم يذكرها القرآن بل وتتعارض مع تحريم القرآن للزواج قبل نضج المرأة كما جاء في الآية الكريمة “ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله (أي قبل النضج العقلي والبدني) ” (سورة البقرة آية 135).
أما النقطة الثانية في هذا السياق فهي: إن كانت هذه القصة ازدراء للرسول إلى هذا الحد فلماذا لم ينقح شيخ الأزهر وفقهاء الأمة – كما يطلقون على أنفسهم – “كتاب البخاري” حتى يتم محو هذا الازدراء؟
فهل ازدراء الرسول “حلال” للبخاري و”حرام” على المتحدث باسم الحزب الهندي نافين جيندال؟
والكارثة أن البخاري لم يقف عند ذكر سن عائشة وحسب بل استطرد في قصته ليروي لنا كيف أخذوا الطفلة عائشة من فوق أرجوحتها ليتم إعدادها للنكاح من الرسول، وكيف حضرت إليه ومعها لعبتها لتلهو بها ليلة النكاح! فكما جاء في كتب التراث:
“عن عائشة قالت تزوجني النبي، وأنا بنت ست سنين، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين أتتني أمي وإني لفي “أرجوحة” مع صواحب لي فصرخت بي فأتيتها لا أدري ما تريد بي فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسي ثم أخذت بعض ماء فمسحت به وجهي ورأسي ثم أدخلتني الدار فإذا نسوة من الأنصار.. أصلحن من شأني فلم يرعني إلا النبي ضحى فأسلمتني إليه وأنا يومئذ بنت تسع سنين وقال بعضهم دخل صلعم بعائشة و”لعبتها” معها”!
وعلى الجميع أن يسأل نفسه هل نتوقع أن يقف العالم إجلالا لهذه القصة؟ وهل نتوقع منهم أن يقولوا لنا أن الرسول هو أفضل قدوة للإنسانية جمعاء!
فإن كان السؤال عن القصة المذكورة جريمة فمابالنا بمن اختار هذه القصة ليرويها ويكتبها لنا في “صحيحه”؟!
فإن كان البعض يرى أن هذه القصة شيئاً مخجلاً فليضموا أصواتهم إلى كل من يحاول تجديد الخطاب الديني وتنقيحه من مثل هذه القصص، التي لا تثمر إلا عن ازدراء للرسول وللإسلام!
وباختصار شديد حاسبوا البخاري وكتب التراث قبل أن تحاسبوا حزب بهاراتيا جاناتا!
- وأخيراً فهمت معنى “ثم رددناه أسفل سافلين” - يونيو 24, 2022
- أكبر مشكلة تواجه الفكر الإسلامي - يونيو 17, 2022
- من المسؤل عن إهانة الرسول؟ - يونيو 10, 2022