موقف الأزهر من “عمرو أديب” باااااااطل


وجّهتْ صحيفة “صوت الأزهر” الصّادرة عن مؤسسة “الأزهر” انتقادات إلى الإعلامي، عمرو أديب، بسبب تناوله لقضية ضرب الزّوجات “للتأديب” وموقف المؤسسة منها.
وقد خَصصتِ الصّحيفة صفحتها الأولى في عددها الأخير لرصد 12 مخالفة مهنية، رأت الصحيفة أن عمرو أديب قد وقع فيها.
وحدث هذا الصراع على خلفية تصريحات، إسلام بحيري، مع الإعلامي، عمرو أديب، ببرنامج “الحكاية”، والتي قال فيها الأخير: “كامل الاحترام والتقديس لشيخ الأزهر؛ كلامه (أي إباحة ضرب الزوجة أحياناً كما يرى الزوج) خطأ وضد الدستور؛ ولا يوجد ما يسمى الضرب بشروط، وفكرة فتح الضرب لأن الزوجة ردت على زوجها يخلق دولة في الغابة وضد الدستور والدستور أقوى من أي مؤسسة في مصر”.
وقالت صحيفة صوت الأزهر، أن أديب أذاع أخبارا كاذبة عن تبني شيخ الأزهر للضرب، وروج شائعات عن وقوف الأزهر الشريف ضد صدور قانون لردع الضارب.
وأشارت الصحيفة إلى أن الإعلامي شوّه رأي الإمام الأكبر وتجاهل قوله القاطع في تجريم العنف الأسري، و اجتزأ السياق لتصدير صورة غير صحيحة عن الأزهر وشيخه.
وقد حاولت الصحيفة السخرية من عمرو أديب بوصفه بـ “إعلامي الترفيه” مما يلقي بظلال السخرية أيضاً على مؤسسة “الترفيه” السعودية والتي يَكِنّ الكثيرون لها، وأنا منهم، كل الاحترام والتقدير.
وهناك العديد من النقاط التي ينبغي أن نوضحها في هذا الأمر الشائك والذي قد يكون أمراً محورياً لمستقبل الفكر الديني.
الأمر الأول هو أن الإعلامي لم يهن شيخَ الأزهر على الإطلاق في كلامِه، بل على العكس من ذلك تماماً فقد امتدح أديب الأزهر عدة مرات خلال حديثه عن هذا الموضوع.
الأمر الثاني هو أن عمرو أديب لم يكذب أو يفترِ على فضيلة شيخ الأزهر حينما قال إنه “أباح” الضرب. فهذه هي الحقيقة المؤلمة وليست “الحقيقة الغائبة”!
فقد قال أحمد الطيب، شيخ الأزهر، في حلقة سابقة من برنامج “حديث شيخ الأزهر”، على التلفزيون المصري عام 2019، إنه (أي الضرب) ليس فرضا أو سنة ولا مندوبا، لكنه أمر “مباح” لمواجهة الزوجة الناشز وكسر كبريائها وصولا للحفاظ على الأسرة من الضياع والتشرد، كما أكد أنّ الموضوع له ضوابط وشروط، وأن هذا المباح يمكن التغاضي عنه إذا ترتب على استعماله ضرر.
فالأمر كما هو واضح وجلي أن شيخ الأزهر “أباح” للرجال ضرب الزوجات حسب تقديرهم الشخصي لذلك. وكأن الرجل هو دائماً صاحب الفكر السليم، وكأنه لا توجد دولة ولا دستور يمنع ضرب إنسان لإنسان آخر، وكأن المرأة في نظره كالبهيمة يجوز ضربها إذا احتاج الأمر إلى ذلك وكما يرى الزوج مناسباً في تقديره الشخصي!
وللأسف لم يقدم شيخ الأزهر أي جديد في طرحه لفهم الآية: “وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ”، ولم يقف موقفاً مبدئياً من استخدام العنف المنزلي ضد المرأة.
وقد كان الكثيرون ينتظرون من فضيلته فهما للآية يختلف عن المفاهيم التقليدية لها. ولكنه لم يقدم شيئاً أو فهماً جديداً يعطيه حق الريادة الفكرية لتطوير وقيادة الخطاب الديني.
وللأسف، فإن رفض شيخ الأزهر أن يأخذ موقفاً مبدئياً من هذا الأمر أي “ضرب الزوجة” وعجزه عن وضع مفهوم ديني مختلف يرفض الضرب بصورة مطلقة يعطي الكثير من الأزواج إحساساً بأن ضرب زوجته أمر مباح إذا رأى “هو” ذلك وأن عدم ضربها هو كرم أخلاق منه وليس حقاً لها بصفتها شريكة حياته التي عليه أن يحترمها ويصون كرامتها.
فالزوجة التي يتم ضربها كما يتم ضرب البهائم، إذا رأى زوجها أن الضرب إصلاح لها، من الصعب أن نتصور أنها ستكون بعد ذلك، إن ظلت معه، امرأة لديها أي كرامة.
الأمر الثالث هو أن الأزهر لم يتحمل أي نقد لما يقوله شيخ الأزهر الحالي والعضو السابق بأمانة السياسات بالحزب الوطني.
وهذا الأمر غريب، لأن الأزهر يتصرف وكأن شيخ الأزهر أكبر شأناً من عمر ابن الخطاب حينما اعترضت عليه امرأة بسيطة وأظهرت أن رأيه كان مخالفاً للقرآن، فلم يتردد عمر أن يقول: “أصابت امرأة وأخطأ عمر”. فإن كان عمر ابن الخطاب، وهو من العشرة المبشرين بالجنة (كما جاء في كتب التراث) يعترف بأنه أخطأ، فهل شيخ الأزهر أعظم شأناً من عمر؟ أم أنه أكبر من أن يخطئ؟
وأخيراً وباختصار شديد، فإن الهجوم الأخير على السيد عمرو أديب من مجلة الأزهر هو هجوم باطل بكل المقاييس، فقد حاول الإعلامي المتمكن أن يضع الموضوع للمناقشة أمام الجميع ولم يكذب على أحد ولم يهن شيخ الأزهر بأي صورة من الصور كما حاولت الجريدة إظهار الأمر. فكل تحياتي للسيد عمرو أديب على شجاعته واحترافيته ورقيه في تناول هذا الموضوع الحساس بصورة حضارية!
- وأخيراً فهمت معنى “ثم رددناه أسفل سافلين” - يونيو 24, 2022
- أكبر مشكلة تواجه الفكر الإسلامي - يونيو 17, 2022
- من المسؤل عن إهانة الرسول؟ - يونيو 10, 2022